مقالات

كورونا: لماذا هو متحيّز في انتقاء ضحاياه؟!

 


 


 


حسب الإحصائيات ذات العلاقة بضحايا “الإنفلونزا الإسبانية” التي اجتاحت العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. فإن:


 


• 99٪ من الوفيات كانت أعمارهم أقل من 65 سنة، وأكثر من نصف تلك الوفيات كانوا من الشباب واليافعين الأصحاء بين 20-40 سنة، والذين هم في العادة الفئة الأقوى مناعة والأكثر قدرة على مقاومة المرض.!


 


هل كان ذلك الفيروس متحيزاً -كجزاء عادل- ضد الفئة القوية المسيطرة التي تسببت بالحرب، لصالح الفئات الضعيفة من كبار السن والمرضى.؟!


 


فيروس كورونا هو الآخر، وبغض النظر عن كونه يفتك بالمرضى وكبار السن، يبدو. حتى الآن على الأقل أنه يحاول قلب المعالة السائدة في العالم. ويحابي الفئات الضعيفة والمهمشة تقليدياً:


 


– عمرياً: يتجنب الأطفال ويستهدف المسيطرين كبار السن.!


 


– جنسياً: يصيب الذكور والإناث، لكنه يوزع الموت بشكل غير متساوٍ بين الجنسين. للذكور ضعف حظ النساء.!


 


– جغرافياً واقتصادياً وصناعياً: على مستوى العالم ينتشر في الشمال الغني المصنّع، أسرع من انتشاره في الجنوب الفقير.!


 


– حضارياً: يتفشى في دول العالم الأول والثاني المتقدم أكثر من تفشيه في العالم الثالث المتخلف.!


 


– سياسياً: يعصف بالقوى الدولية المؤثرة، أكثر من تأثيره على القوى محدودة أو عديمة التأثير.!


 


– ذوقياً وربما أخلاقياً: يستهدف البيئات الصحية المستقرة القادرة، ويربأ بنفسه عن البيئات المكتظة بالأوبئة والحروب والاضطرابات والأزمات.!


 


هل هذا التوزيع والانتقاء والاختيار مجرد اعتباط؟!


 


ألا يثير الكثير من المفارقات والأسئلة، التي يحتاج كلٌّ منها إلى تفسير.!؟


 


هل الفيروسات وبالتالي الأوبئة “مأمورة” متحيزة.. وهل هذا الانتقاء مقصود؟!


 


فكرة أن الفيروسات متحيزة بذاتها فكرة وجيهة تسندها حقيقة أن الأوبئة تفتك بفئات معينة أكثر من غيرها، فضلاً عن خارطة انتشار وباء كورونا عالميا، وبعض الإحصائيات الأولية الجزئية المتعلقة بالإصابات والوفيات.


 


لكن هذه الحقيقة “حقيقة أن الأوبئة تفتك بفئات معينة أكثر من غيرها” تسند بنفس الدرجة أي نظرية خرافية ميتافيزيقية أخرى كنظرية المؤامرة، أو اللعنة أو الابتلاء الإلهي.


 


يحتاج هذا التحيز لتفسير آخر أكثر احتراماً للعقل وللعلم. كتفسير عدم فتك “الإنفلونزا الإسبانية” بكبار السن عام 1928. بسبب مناعتهم الذاتية التي اكتسبوها ضد الفيروس خلال تعرضهم لـ”لإنفلونزا الروسية” عام 1889م.


 


تحتاج خارطة توزيع كورونا لتفسير بنفس المنطقية، وحتى ذلك الحين تظل فكرة الانتقاء الموجه أو التحيز الذاتي فكرة ميتافيزيقية، حتى لو استمر هذا التوزيع كظاهرة مطردة حتى نهاية هذا الوباء الذي ما زال في بداياته..


 


الفيروس، أي فيروس، هو كائن محايد. لا حي ولا ميت، لا مؤمن ولا ملحد، لا شيوعي ولا ليبرالي. لا ذكر ولا أنثى، لا يأبه بالتحيزات والعواطف، ولا يتأثر بالعقائد والإيديولوجيات، ولا بالعلاقات والصراعات الفئوية بين البشر.


 


هو فقط يتأثر بالعوامل المادية الطبيعية والعضوية، وهي وحدها موضوع العلم، ومكنز التفسيرات الموضوعية لمختلف ظواهر الحياة.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى