غير مصنفمحليات

جلال الشرعبي يكتب: في وداع الحسين بن علي

 


(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ))

مات حسين القاضي 

ارتقت روحه إلى السماء..

بعد خمس سنوات من التعب والعلاج والصبر مات حسين في عقده الثاني وإنا لفراقه لمحزونون..

في مساء الثالث والعشرين من شهر إبريل 2015 كان حسين خارجاً بسيارتي من منزلي في بيت بوس بالعاصمة صنعاء وكان على بعد مائة وخمسين متراً يجلس مسلحون يتبعون سلطة الحوثي في الأمن القومي لقتلي وليس اعتقالي فقط..

مر حسين بالسيارة ذاهباً لمحطة البنزين واعتقدوا أنه أنا فباشروه بإطلاق نيران كثيفة أصابته في أسفل عموده الفقري وانقلبت السيارة وبدأت حشود المسلحين بمحاصرة منزلي وبعد جهود ومحاولات لأصدقاء نقل حسين للمشفى وأخذت أنا إلى سجن العصابة ..

كانوا ثلاثة عندما أطلقوا النار يترأسهم ضابط بالأمن القومي يدعى أحمد البياضي وهو من يتحمل مسؤولية قتل حسين ، و هئنذا أوجه له التهمة مباشرة وأمام العالم ..

بعد ساعة تم أخذي لسجن الأمن القومي في (صرف ) جوار جولة آية طريق المطار ..

4 أشهر قضيتها بالسجن ؛ بعدها خرجت و غادرت خارج البلاد ..

استمر حسين يواجه التعب متنقلاً للعلاج بين صنعاء والأردن وما بين  المنزل ومشفى آزال كانت دورة علاج قاسية لشاب أصبح مقعداً على عربة المرضى ..

القتلة مازالوا طلقاء وتلقوا توجيهاتهم بالقتل من أبو عماد المراني مدير الأمن الداخلي بالأمن القومي الذي حضر لاعتقالي بصحبة أكثر من مائة مسلح ..

مثل حسين قتلت الجماعة الفاشية الآلاف وشردت الملايين لكن مأساة حسين تبدو مؤثرة بالنسبة لي أكثر من كل جرائم التاريخ ..

ذلك أن حسين كان صديقاً ولم يكن سائقاً ..بشوشاً طيب السريرة عفوي الطباع مبتسما على الدوام حتى في لحظات التعب.

حضوره وبهاء حديثه وحركاته وصناعته للأجواء وسرعة تلبيته للنداء والإنجاز تجعلك تحس أنه قريب منك في كل مكان ..

أطول انتظار لحسين حين تتصل به خمس عشرة دقيقة وتجده أمامك مبتسم ومتكئ على جانب الباب ويده تفرك رأسه كلما بادلته النظرات والمزاح ..

خلال خمس سنوات من التعب ظل حسين علي القاضي  برواز  بين الجفن والهدب ، أحس وجع مرضه في نبض ذاتي وأتألم لأجله وأعاتب الأقدار حيناً ونفسي أحايين أخرى ولا أنسى أن أتذكر القاتل واسمه وعصابته ..

الدم يبقى ولا يموت وقاتليك ياحسين سيأتي يوم القصاص منهم ولو بعد حين ..

هم لا يساوونك بالطبع وليسوا رجالا يشبهونك بل هم مجرد قتلة يحملون بندقية ويعوضون ضعف رجولتهم بالبارود ..

مقهور حزين لأجلك يا صديق الزمن وسأظل أناجيك سراً وعلانية وألعن قاتليك صبحاً وعشيا وأحمل دين الأخذ بدمك ما دمت حيا ..

وداعاً يا أنبل الأنقياء وأطهر الأرواح في صنعاء ولا نامت أعين القتلة الجبناء ..

تعازينا لأهلك وأسرتك وكل محبيك وأخص بالذكر خالك الدكتور أحمد الوجيه ولأخينا وقدوتنا الذي ظل معك وبجانبك نبلاً وصدقاً وشهامة ووفاءً الدكتور عبدالغني القاضي 

وإني لفراقك لحزين مكلوم ..

وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا 

صدق الله العظيم

الاسيف:

*جلال الشرعبي


 

زر الذهاب إلى الأعلى