ثقافة وفنغير مصنف

عندما تُسكت المدافع صوت الموسيقى.. شوقي الزغير القابض على العود اليمني بأنامل الصبر “صور”

     


في محل صغير بحي الدائري في صنعاء، يجلس شوقي عبده الزغير، أمام العشرات من الآلات الموسيقية، على رأسها العود، يعيد إليها بحسه الفني المرهف شبابها، بعد أن انهكت على يد فنانين وهواة. 2020-06-شوقي-في-محله


ورث شوقي، مهنة بيع وإصلاح الآلات الموسيقية وفي مقدمتها العود، عن والده، الذي ورثها هو الآخر عن والده، لتكون مهنة متجذرة في وجدان الرجل الأربعينيّ، والذي أضاف لهذه المهنة، صناعة العود بأشكال متعددة آخرها صناعة عود كهربائي.


 



 


تلاشت مهنة صناعة العود، بسبب استيراد الآلات الموسيقية من خارج البلد، وفي مقدمتها العود، ليبقى ”شوقي الصغير“ آخر يمني يعمل في هذه المهنة.


محله الصغير المقابل لكلية الآداب بجامعة صنعاء، كان حتى قبل اندلاع الحرب في البلد ودخول الحوثيين إلى صنعاء في العام 2014، يرتاده الشباب والهواة والفنانون من مختلف المحافظات، إما لشراء الآلات الموسيقية والعود، أو لإصلاح بعض الآلات، وفي غضون السنوات التي تلت، لم يعد يرتاد محله الصغير غير بعض الفنانين والهواة.


 



 


المدافع تسكت صوت الموسيقى


”لا أحد يهتم بالفن“ هذا ما قاله الصحفي اليمني، ماجد عبد الرحمن، مضيفا في حديث مقتضب لـ“إرم نيوز“ : “ أن جزءا كبيرا من اليمنيين، انخفضت لديهم الاهتمامات العامة وفي مقدمتها الموسيقى والفنون، واتجه تركيزهم إلى البحث عن لقمة العيش.. العمل في مجال الفن والموسيقى لم يعد كما في السابق، بات عملا لا يوفر لقمة العيش“.


وأشار إلى اتجاه الكثير من العاملين السابقين في مجال الفنون من ”عازفين، وفنانين، وأعضاء فرق موسيقية“، إلى مهن أخرى، بسبب تدني فرص العمل واتجاه اليمنيين إلى الموسيقى الجاهزة والأغاني المتنوعة والتي يمكن تنزيلها من الإنترنت، وهو أمر انعكس كذلك على صناعي الآلات الموسيقية، وكذلك المعاهد المتخصصة بتعليم الفنون والموسيقى“.


ويرجع المدون اليمني عبد الرحمن الغابري، تضاؤل ارتياد محل شوقي الزغير من النخب الجديدة، إلى جهلها لقيمة الفن.


 



 


وكتب في تدوينة بموقع ”فيسبوك“: ”لا أحد يرتاد هذا المحل الجميل المؤنس البهيج، لا أحد يرتاده ممن يسمون وجاهات ونخبا سياسية ومشيخية قبلية ودينية، ولا حتى ممن تم تجهيلهم من الشباب عبر هذه الفئات الرثة، لوكان شوقي ووالده فتحا دكانا أو صندقة لبيع القات، أو دكانا ومخزنا مرعبا لبيع السلاح لكانت تلك الفئات مزدحمة على باب دكان شوقي عبده الزغير“.


 


ذكريات جميلة


يحتضن ”محل شوقي الزغير“ عددا من الصور التذكارية التي توثق لحظات فارقة في تاريخ الفنون اليمنية، لعدد من كبار المطربين اليمنيين في مقدمتهم أيوب طارش، علي بن علي الانسي، علي السمة، محمد مرشد ناجي، وغيرهم الكثير، بما فيهم فنانون عرب.


ويقول شوقي، إن العشرات من آلات العود التي كان يغني بها أغلب الفنانين اليمنيين في فترة السبعينيات والثمانينيات، والتسعينيات، خرجت من المحل، صنعها أو أصلحها هو أو والده.


 



 


ويصف صانع العود فترة الثمانينيات بالحقبة الذهبية بالنسبة للعود، فقد اتسعت رقعة انتشاره بين يد المئات من الأسر في صنعاء وبعض المدن الأخرى، وبات إقبال الشباب على تعلم العزف على الآلات الموسيقية، ظاهرة استثنائية من النادر أن تتكرر.


ويؤكد لـ“إرم نيوز“ أن الظروف العامة التي يمر بها البلد أثرت بشكل كبير على صناعة العود، ومجال الموسيقى والفنون بشكل عام، ومن الصعب تلافي تداعيات الحرب على هذا المجال؛ لأن الفنون تحتاج استقرارا“.


ويحرص شوقي أن يواكب الجديد في عالم الموسيقى، لذا يجدد في تفاصيل العود ليكون نقيا ونابضا بالنغمات الصافية، ومؤخرا استطاع أن يصنع عودا كهربائيا، تجاوز خلاله الكثير من بعض العقبات للعود العادي، وفي مقدمتها تلف الأوتار وتنوع النغمات.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى