أسباب افتعال الحوثيين أزمة مشتقات نفطية ودور قطر في دعمهم
تواصل مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، افتعال أزمة المشتقات النفطية في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها منذ نحو أسبوعين، رغم تأكيد مصادر في شركة النفط الواقعة تحت سيطرة المليشيات أن ثمة مخزوناً نفطياً لديها يكفي لنصف عام على الأقل.
الأسباب الحقيقية لافتعال الأزمة
قالت مصادر في شركة النفط بالعاصمة صنعاء والواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية: إنه ورغم صحة عدم دخول سفن محملة بالمشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة منذ أكثر من شهر ونصف، إلا أن أزمة المشتقات النفطية التي افتعلتها المليشيات لها أسباب أخرى أبرزها الخلافات بين المليشيات وحكومة هادي على آليات استيراد المشتقات النفطية، وأيضا الخلاف مع حكومة هادي والتحالف والأمم المتحدة بشأن خزان النفط العائم صافر.
وأضافت المصادر: إن مليشيات الحوثي ترفض حتى الآن القبول بالإجراءات التي تسعى حكومة هادي لتطبيقها فيما يخص استيراد المشتقات النفطية وضرورة ان تمر عملية استيرادها عبر وزارة النفط في حكومة الشرعية، وضرورة ان يتم ادخال كافة السفن المحملة بالمشتقات النفطية وتفريغها في ميناء عدن ثم نقل المشتقات النفطية برا إلى كافة المحافظات بما فيها العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية، وضرورة ان تتم اجراءات عمليات الاستيراد من قبل التجار عبر البنك المركزي في عدن وتحت اشراف حكومة هادي، مشيرة إلى ان مليشيات الحوثي ترفض الاستجابة لهذه المطالب وتصر على ان تستمر عملية ادخال المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة وبعيدا عن أي اشراف أو تنسيق مع حكومة هادي.
وحسب المصادر فإن السبب الآخر هو الخلافات بشأن خزان النفط العائم صافر، حيث تصر المليشيات على بيع كميات النفط في الخزان والبالغة 1.5 مليون ونصف برميل من النفط الخام، ما يقارب 150,000 ألف طن، وتوريد عائدتها إلى حساباتها فيما ترفض حكومة هادي ذلك وتصر على أن تكون هي من يبيع تلك الكمية.
وتضيف المصادر إن الأمم المتحدة والتحالف فشلا في إقناع المليشيات بالسماح بدخول خبراء امميين اليه للقيام بعمليات صيانة ومنع حدوث تسرب نفطي قد يكون له نتائج كارثية في البحر الأحمر وفي عمل ميناء الحديدة، لافتة إلى ان تعنت المليشيات الحوثية قد يكون نتيجة جهلها للعواقب الوخيمة التي ستحدث نتيجة أي تسرب نفطي من الخزان، أو نتيجة سعيها لممارسة عملية ابتزاز بالضغط للحصول على عائدات بيع تلك الكميات أو على الاقل الحصول على جزء منها، وهو ما يؤكده موقف قيادات المليشيات الحوثية التي تطرح هذا الموضوع بشكل سري وعلني واخرها موقف القيادي محمد علي الحوثي الذي نشر تغريدات بحسابه بتويتر يعلن فيها اخلاء مسؤولية مليشياته عن أي نتائج كارثية لتسرب النفط من خزان صافر وتحميل التحالف والأمم المتحدة المسؤولية عن ذلك رغم انه ومليشياته يرفضون حتى الآن السماح بدخول خبراء امميين إليه.
وتشير المصادر إلى أن أحد أسباب تأخير التحالف السماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة هو ممارسة الضغوط على المليشيات الحوثية للتوصل إلى اتفاق بشأن التعامل مع المشتقات النفطية الموجودة في الخزان العائم صافر.
دعم قطر والأسعار العالية تخفف خسائر الحوثي
يشار إلى أن المشتقات النفطية التي تدخل عبر ميناء الحديدة موزعة على نوعين: الأول هو ما يستورده تجار المشتقات النفطية العاملون في مناطق سيطرة المليشيات، حيث يقومون بعقد الصفقات تحت إشراف شركة النفط ووزارة النفط الخاضعة لسيطرة المليشيات في صنعاء. والنوع الثاني، هو النفط الذي تحصل عليه المليشيات من إيران كمساعدات وبشكل مجاني وتقوم ببيعه في السوق المحلي على أنه نفط مستورد، وهو الأمر الذي يعود عليها بمئات ملايين الدولارات.
وتؤكد مصادر في وزارة وشركة النفط في صنعاء، أنه ورغم الإجراءات التي تتخذ من قبل التحالف وحكومة هادي بشأن منح التراخيص للسفن المحملة بالمشتقات النفطية، فإن تلك الإجراءات فشلت حتى الآن في اكتشاف الكيفية التي يتم بها تزويد إيران للمليشيات الحوثية بالمشتقات النفطية، مشيرة إلى أن سفنا إيرانية تقوم بتفريغ حمولتها من النفط المقدم للمليشيات الحوثية في عرض البحر وفي وسط المياه الإقليمية الدولية وبعيدا عن أعين الرقابة.
المصادر أضافت إن عمليات التأخير الذي يفرضه التحالف وحكومة هادي على سفن المشتقات النفطية التابعة للمليشيات الحوثية في عرض البحر والذي يترتب عليه دفعها لمبالغ تأمين كبيرة لا يعطي هدفه المتمثل في تقليص حجم الأرباح المالية من عائدات بيع المشتقات النفطية في السوق المحلية، وذلك نتيجة سببين: الأول أن دولة قطر وفي إطار تنسيقها مع إيران لدعم المليشيات الحوثية هي من تقوم بدفع مبالغ التأمين على تلك السفن، وبالتالي تمنح المليشيات الحوثية فرصة لتقليل إن لم يكن انعدام أي خسائر تتكبدها. فيما السبب الثاني هو الأسعار المرتفعة التي تبيع بها المليشيات الحوثية المشتقات النفطية في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها والتي تفوق السعر العالمي وحتى السعر في مناطق سيطرة حكومة هادي لما يصل إلى الضعفين.
ورغم الانخفاض الكبير في الأسعار العالمية للنفط والتي حدثت خلال الأشهر الماضية واضطرار الحكومات إلى تخفيض اسعار بيعه في الاسواق المحلية بما فيها حكومة هادي إلا ان مليشيات الحوثي أصرت على بقاء اسعار المشتقات النفطية مرتفعة ولم تخفض في اسعارها الا بمقدار ألف ريال فقط، أي بما يعادل دولارا ونصف الدولار فقط، فيما استمرت ببيع اسطوانة البنزين بمبلغ 5900 ريال والديزل بمبلغ 6900 ريال أي بضعف السعر الذي تباع به نفس الاسطوانة في مناطق سيطرة حكومة هادي.
الجدير بالذكر أن التجارة في المشتقات النفطية باتت أحد أبرز الموارد التي تتحصل منها المليشيات الحوثية وكبار قياداتها الذين يملكون الشركات النفطية على مئات ملايين الدولارات التي تساعدهم في بناء استثمارات مالية كبيرة من ناحية، ومن ناحية أخرى تمويل حروبهم في مختلف الجبهات ضد أبناء الشعب اليمني.