تقاريرملفات خاصة

حاميها حراميها.. قادة عسكريون في تعز يسطون على منازل المغتربين والنازحين “تقرير خاص موسع”

ظاهرة نهب المنازل في تعز تعد من أخطر ماشهدته المدينة حتى الآن، تعزز وجود هذه الظاهرة منذ بداية الحرب التي شهدتها المدينة، ومعظم من سيطر على تلك المنازل هي قيادات عسكرية وبغطاء سياسي من بعض القوى، تم بسط السيطرة على منازل المغتربين والنازحين، ولم يتمكن مالكي المنازل من إستعادة أملاكهم حتى الآن رغم مطالباتهم بذلك منذ سنوات.

تقرير- عبد الرب الفتاحي / تحرير – يمن الغد

برزت عملية النهب في تعز مع الحرب التي شهدتها المدينة عندما كان الحوثيون يسيطرون على جزء منها في عام 2015.

وتعرضت المنازل للعبث من قبل عصابات وأطراف مسلحة تتبع فصائل ادعت أنها من دافعت عن المدينة بعد انسحاب الحوثيين، حينها نهبت هذه الفصائل المنازل وتم سرقة ما أحتفظ به السكان الذين تركوا بيوتهم وغادروا مجبرين لمدن أخرى وربما تركوا الأثاث لأنهم كانوا يفكرون بالعودة في فترة زمنية لن تكون طويلة.

معظم من عاش في تعز ونزح عنها جلهم من محافظات أخرى لكنهم ولدوا فيها والبعض أتى للمدينة منذ فترة طويلة وهناك من تعود أصولهم لتعز وريفها لكن الحرب دفعت الكثير لتركها خوفاً على أنفسهم أختاروا مدن أخرى للعيش فيها.

منزل محمد علي مهدي المنهوب

الحرب في محافظة تعز خلفت نهباً منظماً لمنازل المواطنين، والكثير فقدوا هذه المنازل بعد أن نزحوا عنها عند اشتداد المعارك ولم يتمكنوا من استرجاعها لأن الناهبين هم من قيادات عسكريك لبعض الألوية التي تتبع محور تعز.

يشير المواطن وليد دحان أثناء حديثه لـ”يمن الغد” إلى إن الكثير من المنازل نهبت بعد انسحاب الحوثيين، وتم تكسير الاقفال والدخول لتلك المنازل ونهب كل محتوياتها.

يعتقد وليد ـ الذي يعتبر شاهد عيان كونه من أبناء المدينة التي تشهد عمليات نهب منظم للمنازل ـ أن تلك الأعمال كانت منظمة إضافة إلى ذلك فقد تحولت المنازل لتكون غنيمة حرب من وجه نظر تلك القيادات، وتشكلت عصابات النهب في المدينة التي أخذت تقوم بكل نشاطها دون أن يقف أمامها أحد في تعز.

الحلم بالعودة

وضع الناس الكثير من الأثاث وغرف النوم والحقائب والبطانيات علاوة على ذلك كانت رغبتهم في العودة هي من جعلتهم يتركون الكثير من حاجاتهم، كانوا يرون أن الحرب لن تستمر تكون طويلاً وفق رأي الكثير من الذين غادروا المدينة.. وهذا ما أكده طارق عبد الحي الذي يعتبر أيضا شاهد عيان كونه من أبناء المدينة التي تشهد عمليات نهب للمنازل.

وقال طارق لـ”يمن الغد” :الناس الذين نزحوا عن تعز كانوا يعتقدون أنها ستكون مجرد حرب قصيرة، فمن ترك تعز كان يأمل بالعودة لكن طريقة إدارة الحرب في تعز تمت وفق معايير سياسية تجارية مناطقية”.

وأشار طارق إلى أن العبث في تعز تجسد في أبشع صوره في عملية نهب المنازل والسيطرة عليها بمبررات غير واقعية، ورأى أن هناك من ضلل الناس حسب تعبيره في شرعنة ذلك العبث، وكان هناك من يصدق أن النهب والسيطرة على المنازل أمر طبيعي ومقبول.

وأضاف طارق إن النزعة المناطقية واستثمارها من بعض الاطراف في تعز، حملت شكل من إباحة أملاك الناس من خلال اتهامات سياسية طالت أصحاب المنازل.

وأتهم طارق شخصيات عسكرية وسياسية معروف اتجاهها في تعز بأنها من تمارس هذا السلوك.. في إشارة إلى حزب الإصلاح سلطة الأمر الواقع في تعز.

اقتحام المنازل ونهب وبيع الأثاث

 كان الإعتقاد في تلك الفترة لدى النازحين والمغتربين أن منازلهم وأثاثهم في تعز ستكون في مأمن ولن يمسها أي طرف.

ذلك الأمل تلاشى حيث قامت بعض القوى العسكرية والسياسية في تعز بعد دحر الحوثيين بدخول المنازل، ونهبت كل ماكانت تحويه وتم بيع كميات هائلة من الأثاث التي تخص النازحين والمغتربين  ـ والمنتهكة منازلهم ـ  في سوق الحرج حتى أبواب المنازل والنوافذ والأخشاب لم تسلم من النهب والعبث.

يصور جميل هزاع مثل تلك الانشطة على أنها كانت حالة انتقام، بل بداية لتأسيس النهب وشرعنته في تعز.

وأضاف جميل ـ وهو احد النازحين المتضررين ـ :استمرت طريقة سلب الناس أملاكهم ومنازلهم بنزعة المسيطر من قبل هذا الطرف السياسي والذي يمتلك القوة العسكرية في تعز.

وأشار أن الناس الذين تعرضت منازلهم للنهب لم يجدوا من يعيد لهم ما تم نهبه وصمت الجميع على تلك الظاهرة التي إنتشرت بشكل كبير.

عسكريين ينهبون المنازل

يبدي علي حسن قاسم ـ الذي ترك منزله في تعز ونزح مع أسرته إلى منطقة مجاورة ـ يبدي استياءه من نهب المنازل والأثات والسيطرة على أملاك الناس في تعز.

ولفت إلى أن ذلك ظل عمل منظم منذ سنوات لتتطور وتيرة النهب وفق من يحكم المدينة ويتحكم بها.

ولفت إلى هذه الإنشطة حظيت بدعم من قيادات سياسية وعسكرية تتبع حزب الإصلاح.

وأضاف قاسم لـ”يمن الغد”: أن نهب المنازل حدث بشكل كبير في فترة الحرب وتم أخذ سيارات المغتربين وعندما كان البعض من هؤلاء المغتربين يطالبون بخروج من نهب تلك المنازل كان بعض الأفراد من عصابات المسيطرة على تلك المنازل يطالبون بمبالغ طائلة تصل أحيانا إلى خمسين مليون حتى يخلوا المنازل وتابع حديثه “أن الناهبين كانوا يرفضون اعادة المنازل وهذا ماحدث والجميع يعرف ذلك.

عصابات مدعومة

تعرض منازل النازحين والمغتربين للعبث والسيطرة عليها فرض واقع جديد تسبب في فقدان الكثير لاملاكهم دون الإعتراف بما كان يحدث من تلك التجاوزات ومعالجتها من قبل من ينفذ مثل هذا السلوك.

وجدي عبد الله علي الذي ترك منزله في مدينة تعز مجبرا وغادرا نازحا إلى مدينة ذمار يؤكد إن منازل الكثير تعرضت بالفعل للنهب وتم السيطرة عليها من شخصيات عسكرية وهم مستقرين فيها ويرفضون الخروج منها.

وأضاف وجدي أثناء حديثه لـ”يمن الغد”: أن ذلك حدث خلال الخمس السنوات الماضية حيث تمكنت تلك الاطراف من إرتكاب تجاوزات وسيطرت على منازل كثيرة وهناك رغبة منها للإستحواذ عليها وعدم إعادتها لأصحابتها”.

وأشار وجدي إلى أن قيادات عسكرية حولت الكثير من المنازل مقراً لها فاللواء 22 ميكا وكذلك اللواء 17 يستبيحون المنازل ويحاول قادة هذه الألوية السطو عليها ويصرون على البقاء فيها.

محاولة اغلاق ملف المنازل

لا توجد إحصائية عن عدد المنازل التي تم نهبها لكن هناك من يرى أنها كثيرة في ظل محاولات أطراف متعددة تجاهل فتح هذا الملف والذي يعد من القضايا الشائكة في تعز لاسباب ترتبط بقيام شخصيات نافذة بهذه العمليات والنهب المنظم.

في عام 2018 صدر قرار من المحافظ السابق د. امين احمد محمود بتشكيل لجنة برئاسة وكيل المحافظة د.عبدالحكيم عون لحصر المنازل والممتلكات والمباني والمقرات العامة والخاصة المحتلة وتحديد الجهات التي تحتلها.

وطلب المحافظ إمين بسرعة إخلاء المنازل وتسليمها وتحركت اللجنة في حينها وقطعت شوط كبير لكنها لم تستكمل المهام وتوقفت بعد مطالبة الأطراف التي تنفذ مثل هذه الجرائم بمغادرة المحافظ أمين للمدينة وحاولت تصفيته.

بعد ذلك تم احتلال مباني أخرى وإغتصاب أراضي وعقارات جديدة وبعضها ذهبت نحو شرعنة مثل هذه الإنشطة لصالح جماعة السطو وتشريع اغتصابها لتلك الممتلكات تحت مسميات مختلفة فتلك المنازل تقع على خطوط التماس.

واتجهت بعض الاطراف العسكرية على اعتبار أن ذلك النهب ضرورة عسكرية وأمنية كما تم الإدعاء أن المنازل المنهوبة تابعة لمتحوثين أو شخصيات تابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح وهي تبريرات قامت بها أطراف النهب لشرعنة مثل تلك التجاوزات.

مهدي قُتل من الناهبين

أدى مقتل محمد علي مهدي على يد جنود في اللواء 17 إلى كشف ممارسات القوات المسيطرة على العديد من المنازل والتي رفضت إخلاءها ورغم التوجيهات التي حصل عليها محمد علي مهدي والذي يسيطر اللواء 17 على منازله في مدينة النور غرب تعز.

رفض قائد عبد الرحمن الشمساني القائد السابق للواء 17 تنفيذ التوجيهات التي تطالب بإخلاء منزل محمد علي مهدي في السنوات السابقة وعندما قام باستئجار منزل بالقرب من منطقة سيطرة اللواء 17 على منزله قام بعض الجنود المحسوبون على اللواء بقتل مهدي ومنع إسعافه والسبب انه يطالب بحقه ومنزله.

كان لمقتل محمد علي مهدي أثر كبير في اعادة النظر لمثل هذه القضايا التي تسببت في فقدان الكثير لمنازلهم ورغم التحركات التي تمت بعد مقتله إلا أن اللواء 17 مازال يرفض اعادة منزل مهدي وهناك منازل تحت سيطرة تلك القيادات العسكرية.

زر الذهاب إلى الأعلى