الحارس القضائي.. أداة حوثية لنهب ممتلكات اليمنيين
لا يعتمد نظام ولاية الفقيه في إيران أسلوبا إلا ونقله الحوثيون إلى اليمن، لا سيما في طريقة تشييد اقتصاد أسود.
كما تعتمد تلك المليشيا أسلوب الاقتصاد الأسود والخفي في مسعى لضمان مورد دائم للخزينة الحربية ومشروعها التدميري على المدى الطويل.
وابتكرت مليشيا الحوثي الانقلابية، خلال السنوات الماضية، من أجل ذلك نظاما يدعى “الحارس القضائي”، كمسمى للتحايل وإضفاء الشرعية على عمليات غسيل أموال منظمة ونهب ممنهج وواسع لثروات وممتلكات اليمنيين.
ويلعب القيادي الحوثي المدعو صالح مسفر الشاعر، وهو المطلوب رقم 35 على قائمة التحالف العربي باعتباره الذراع الاقتصادية لزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، الدور الأبرز في هندسة تأسيس إمبراطورية مالية خفية تستثمر في عشرات مليارات الدولارات لمناوئين برلمانيين ومسؤولين ورجال مال وأحزاب سياسية.
ويسعى المدعو “الشاعر” إلى تحويل “الحارس القضائي” إلى نظام اقتصادي ضخم يحاكي النموذج الإيراني، لما يعرف بالاستثمارات العابرة للحدود لمؤسسة “بنياد مستضعفان”، التي قامت على أنقاض أصول وعقارات الشاه وأنصاره بعد ثورة 1979، وباتت أكبر رأس مال خفي لخامنئي.
وأنشأت مليشيا الحوثي نظام “الحارس القضائي” بقرار من محكمة أمن الدولة المتخصصة في مكافحة الإرهاب منتصف 2017، وذلك من أجل إدارة أموال وممتلكات في مناطق سيطرتها لمناوئين تتهمهم بـ”الخيانة” وكلفت صالح الشاعر بحصرها ورئيسيا لهذا النظام.
ولم يكن اختيار زعيم مليشيا الحوثي للشاعر في هذه المهمة لكونه ذراعه الاقتصادية، بل لدوره الإرهابي كتاجر سلاح عابر للحدود، ولأنه الرأس المدبر لصفقات تهريب الأسلحة مع الحرس الثوري الإيراني، طبقا لمصادر عسكرية وخبراء يمنيين.
وقالت المصادر إن المدعو “الشاعر” والذي يعمل مساعدا لوزير دفاع المليشيا للشؤون اللوجستية منتحلا رتبة “لواء”، يستخدم أكثر من 50 مليار ريال يمني (حوالي 60 مليون دولار)، ورأس مال آخر لعشرات الشركات الخاصة وأموال آلاف اليمنيين في إنشاء شركات ومؤسسات استثمارية في العقارات والوقود.
وتستهدف هذه الشركات الالتفاف على الرقابة الدولية والآليات الاقتصادية التي أقرتها حكومة الشرعية، للحد ومكافحة مصادر تمويل الانقلابيين.
ويعد نظام “الحارس القضائي” بمثابة أداة موازية للسلطة القضائية تستخدمها مليشيا الحوثي الإرهابية لنهب أموال الآخرين.
وحتى منتصف العام الماضي، صادرت المليشيا الحوثية مليارات الريالات من الأموال المحجوزة في حسابات مصرفية وممتلكات خاصة يملكها أو يديرها أكثر من ألف و250 شخصا في العاصمة صنعاء، وجميعهم من المناوئين اليمنيين، تحت مسمى “الحارس القضائي”.
كما سطت المليشيات على ملكية 37 شركة خاصة تابعة لشخصيات مناهضة مقيمة في الخارج، واستحوذت على نحو 50% من عائدات أكبر 6 مستشفيات في صنعاء، وفقا لتقارير يمنية اقتصادية.
اقتصاد خفي
ويقول خبراء اقتصاديون إن مليشيا الحوثي شرعت منذ 3 سنوات بمساعدة خبراء إيرانيين ومن مليشيا حزب الله اللبناني في تشييد اقتصاد خفي خارج نطاق الدولة اليمنية، لتكون بمثابة مصادر تمويل مستدامة مستقبلا، تهيمن من خلاله على قرار السلطة، خاصة إذا تم أي حل سياسي بضغط دولي.
ويعتبر تجارة السلاح والمخدرات والدعارة والأعضاء البشرية والتربح المضاعف من مؤسسات الدولة وغسل الأموال في الأصول والعقارات والممتلكات المنهوبة مظلة الاقتصاد الأسود للحوثيين.
ويقول الناشط اليمني عماد الجعدني إن مليشيا الحوثي كبقية الجماعات الدينية المسلحة، تفتقر إلى الاستقرار المادي نظراً لاعتمادها الكامل على التمويل الخارجي القادم من إيران.
ويضيف، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن مليشيا الحوثي تسعى عبر إنشاء “اقتصاد خفي” إلى السيطرة على رؤوس الأموال المتبقية في مناطق سيطرتها، ولكن بغطاء القضاء هذه المرة، من خلال الحارس القضائي التابع لمليشيا الحوثي صالح الشاعر، الذي يستحوذ على مليارات الريالات من الأصول المجمدة دون مرجع قانوني.
ويعكس هذا “الاقتصاد الخفي”، الذي أنشأته مليشيا الحوثي طبقا للناشط اليمني، مخططا لنفوذ دائم بالحكم حال أي حلول سياسية جرت، فيما يعكس من جانب آخر مدى هشاشة التحالفات القبلية التي يعتمد عليها الحوثيون للموازنة بين قطبي القوة والمال، الذي يغذي حروبها الممتدة على طول الجبهات وهيمنة قطب المال على قراراتها المرتهنة لإيران.
وكان تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن أظهر التسلسل الهرمي لشبكة اللواء صالح مسفر الشاعر، الذي كان تاجرا بارزا للسلاح، ويعمل كذراع اقتصادية لزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، وقام بنهب ممتلكات وأموال المعارضين في صنعاء، ومنهم سياسيون وبرلمانيون ورجال أعمال وتجار وشركات خاصة.