مقالات

بقاء اليمن على الخارطة مرهون بشطب الخرافة المقدسة

عاش قطاع من الشعب اليمني في الماضي معتقداً أن الحكم هبة إلهية لسلالة معينة مختارة، فلم ينهض لمقاومة هذه القدسية الرهيبة إلا عدد قليل من الأفذاذ أجهزت عليهم سيوف الأئمة وتخلصت منهم كمجرمين مارقين وأعداء لله!

وكان هناك صراع مرير بين الأئمة بعضهم ضد بعض، أما عموم الشعب في شمال البلاد فقد كان في فترات متقطعة من التاريخ، حطباً لذلك الصراع، يستعرض عضلات المتصارعين ويبارك لمن سيفوز كي يحكمه ويسيطر عليه، وكأنما هو مجرد أنقاض من التماثيل الأثرية تتنازعها أيدي اللصوص.

وفي العام 1962، أطلق الشعب صيحته وناضل واستطاع أن يبعث عروبته الثائرة من جديد، وأثبت أن الغد لن يكون كالأمس، ولا مستقبله كماضيه، ولن يلعب دور المتفرج وسيحدد موقفه من كل مشكلة تتعلق باليمن ويطالب بكل حق من حقوقه، منكراً أي خرافة تدعي أن السماء قد وقع اختيارها في الأزل لعدد من العائلات تتناوب الحق الإلهي في حكم اليمن عصراً بعد عصر.

لم يعد الشعب اليوم يقبل أن يحكم حكماً مذهبياً سلالياً لا يعبر عن إرادته ولا عن عقيدته.

لقد أقسم شعبنا أن لا يظل مذعناً مستسلماً لحكم عنصري متعالٍ يريد أن يعيش أبد الدهر مدللاً من السماء، وأقسم أن يأخذ دوره الكامل في الدفع بعجلة الكفاح والتنمية للنهوض باليمن الكبير وإعادة صنع مجده.

اليوم ازداد اليمنيون يقيناً أن بقاء اليمن على الخريطة والحفاظ على استقلالها وسيادتها ووحدتها لن يكون إلا بشطب الخرافة التي تعطي لنفسها حقاً مقدساً في الحكم لفئة معينة من الناس، وإزالة الفوارق بين الطبقات وإتاحة الفرص لكافة فئات الشعب بمشاركة الحكم؛ ذلك هو الحق الواضح المستقيم الذي يضفي على الشعب حريته واستقلاله ورخاءه.

زر الذهاب إلى الأعلى