الحوثي يدفع يمنيين للخيار المر وخارطة التسول تتسع
يمن الغد – بديع سلطان
أتت الحرب التي أشعلتها المليشيات الحوثية على مقدرات الأسر اليمنية وعصفت بالاستقرار المعيشي بفعل ممارسات لم تبقِ ولم تذر.
ومع اتساع رقعة البطالة وتزايد حالات سوء التغذية، وجد آلاف اليمنيين أنفسهم أمام البحث عن خيار آخر، أجبرهم على امتهان التسول لتوفير لقمة العيش، بعد أن صادر الحوثيون أقواتهم خلال السنوات الماضية.
ولا تكاد تخلو الشوارع اليمنية الرئيسية من عشرات المتسولين، وتزداد الأعداد في وقت الظهيرة، حيث تكون حركة الشارع في ذروتها.
ولم تعد رقعة التسول مقتصرة على كبار السن، فالنساء والأطفال وجدوا أنفسهم أيضاً في قارعة الطرقات يمدّون أيديهم للمارة بحثاً عما تجود به أيادي المحسنين لإنقاذهم من مجاعة محتملة.
مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في مدينة عدن، أبوبكر أيوب، أكد حقيقة التحاق الكثير من اليمنيين بركب المتسولين؛ جراء الوضع الاقتصادي الذي وصلت إليه البلاد.
غير أنه قال: “لا توجد إحصائيات دقيقة بالنسبة للمتسولين على مستوى اليمن أو حتى مدينة عدن”.
ولفت أيوب إلى أن ظاهرة التسول قبل الحرب، كانت مقتصرة على اللاجئين الأفارقة في اليمن، ولم تكن سوى قلة قليلة من اليمنيين يمارسون هذه الظاهرة.
وأضاف: “قبل عدة سنوات كانت الظاهرة صغيرة جدًا ومحدودة، كنا -في مكتب الشؤون الاجتماعية- ننفذ بعض الحملات لمكافحتها، واستطعنا إلى حدٍ ما أن نضبط الأمور ونعيد اللاجئين الأفارقة إلى مخيماتهم، لأن البلد حينها لم تشهد حربًا، وكانت الأوضاع مستقرة”.
وأكد أيوب أن مشكلات مثل النزوح والفقر وعدم توفر فرص عمل، والتي تفاقمت عقب الحرب التي ما زلنا نعيش تداعياتها، ضاعفت ظاهرة التسول؛ مما تسبب برفع أعداد المتسولين، والذي قد يصل حاليًا إلى عشرات الآلاف؛ لأن هناك أسرًا بأكملها تمارس التسول.
وأشار مدير مكتب الشؤون الاجتماعية بعدن إلى وجود ثلاثة مراكز متخصصة لمعالجة ظاهرة التسول، بإمكانيات متواضعة، ولكن حاليًا الأمر يتطلب تضافرًا لجهود الجهات ذات العلاقة، كالأمن والنيابة، وتوفير أماكن ومواقع لاستقبال المتسولين، وإيجاد ميزانية تشغيلية وتغذية وتطبيب.
ونظرًا لقلة الإمكانيات، أوصى بتشكيل لجنة؛ لمجابهة هذه الظاهرة وتخصيص الدعم لإنجاح عملها، في ظل ظروف الحرب الجارية.
ارتفاع معدل الفقر
وكان البنك الدولي، قد أصدر تقريرا توقع فيه أن يرتفع معدل الفقر في اليمن بنسبة 75% في العام الماضي، بعد أن وصل إلى 73% في 2018، مشيرًا إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وبحسب التقرير، فقد أدت الحرب في اليمن إلى تدهورٍ خطير للأحوال الاقتصادية، وأدى ذلك إلى تراجعٍ حادٍ في الإنتاج ودخل الأسر، كما ارتفعت معدلات الفقر ارتفاعاً كبيراً، حيث يعيش نحو 80% من السكان على أقل من 3.2 دولار للفرد في اليوم.
وتفيد تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن حوالي 9 ملايين يمني يواجهون أشكالاً مختلفةً من انعدام الأمن الغذائي، وتدهور الاقتصاد اليمني بسبب الحرب بشكل حاد، وتقلصت بشدة فرص العمل والتوظيف في القطاع الخاص، كما ساهم التراجع الحاد للعائدات الحكومية، في انهيار شبكة الأمان الاجتماعي، وعدم انتظام دفع الرواتب، خاصةً في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية.
وأدى الصراع إلى زيادة معدل التضخم وضغوط على سعر الصرف؛ وهو ما تسبب في مزيد من التآكل لدخل الأسر التي فقدت مصدر دخلها الرئيسي، وبالنسبة للكثيرين فإن التسول هو الحل الوحيد للحصول على دخول مالية.
في المقابل، ذكر تقرير مؤشرات الاقتصاد اليمني الصادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، أن نسبة الفقر في اليمن ارتفعت إلى 85% من إجمالي عدد السكان.
ومن بين المؤشرات التي أوردها التقرير أن 17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن أكثر من 20 مليوناً يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بينهم أكثر من تسعة ملايين نسمة مهددون بخطر المجاعة.