تعز.. احتجاز مواطن بتهمة التبشير بالمسيحية

احتجزت شرطة جبل حبشي البكاري بعد تلفيق أبناء عمومته له تهمة اعتناق المسيحية بعد أن كان الخلاف على قطعة أرض. 

حولت قضية البكاري إلى شرطة محافظة تعز ورغم عدم وجود أي دليل يثبت مزاعم أبناء عمومته أحيل الملف للنيابة. 

تقرير البحث الجنائي: تبين لنا أن المشتبه به لم يثبت حتى الآن أنه يعتنق المسيحية أو دعا إليها بالإضافة إلى أنه لم يغادر قريته منذ وصوله من صنعاء منتصف عام 2015 

المعهد اليمني لحرية الإعلام*: 

تشرع الشرطة في محافظة تعز، منذ ثلاثة أسابيع، بالتحقيق مع شخص في الـ44 من عمره، بعد اتهامه بنشر الديانة المسيحية، بعد أن تم استدعاؤه من قبل شرطة جبل حبشي، غربي مدينة تعز، في قضية خلاف بينه وبين أبناء عمومته على أرض في قريته، بني بكاري. 

“بشير عبد الله سيف أحمد البكاري” عمل طاهياً للطعام لدى وزير النقل الأسبق، واعد باذيب، في محافظة صنعاء، منذ بداية عام 2013 حتى اجتياح جماعة الحوثيون  صنعاء، وبعدها سافر الوزير واعد باذيب إلى الخارج، وانخرط البكاري في بيع القات في صنعاء حتى منتصف عام 2015، وبعد ذلك سافر إلى محافظة تعز، وتحديداً إلى قريته بني بكاري، في جبل حبشي، واستقر هناك. 

التفاصيل 

الساعة 5 مساءً من يوم الأحد 31 يناير/كانون الثاني 2021، كان بشير عبد الله سيف أحمد البكاري، 44 عاماً، يتواجد في مركز شرطة جبل حبشي غربي مدينة تعز، في قضية خلاف بينه وبين أبناء عمومته على أرض في قريته، بني بكاري. 

وعند تواجد البكاري في شرطة جبل حبشي اتهه خصومه بأنه “مسيحي الديانة”، فتغير مسار القضية من خلاف على الأرض إلى تهمة التبشير بالديانة المسيحية، وفتح الضابط المناوب في شرطة أمن جبل حبشي محضراً للتحقيق معه بتهمة التواصل مع مسيحيين والترويج للمسيحية. 

وفي 7 فبراير/شباط 2021، أحالت إدارة شرطة أمن جبل حبشي ملف القضية رسمياً إلى المباحث الجنائية بمحافظة تعز، مرفقة بمذكرة اتهمت بها بشير البكاري بالترويج للدين المسيحي. 

الأهمية 

تداول حقوقيون وسياسيون وصحفيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، أن بشير البكاري يواجه تهمة الردة وتهمة الترويج للدين المسيحي ونشر تعاليمه، وزعم بعضهم أن الجهات المختصة ترتب لإعدامه خارج نطاق القضاء. 

كشف الحقيقة 

تابع فريق “فري ميديا للصحافة الاستقصائية” القضية وحصل على 26 وثيقة، وهي عبارة عن محاضر جمع الأدلة الصادرة عن إدارة شرطة أمن جبل الحبشي، وتقرير ومحاضر جمع الأدلة الصادرة من قسم التحريات في المباحث الجنائية في محافظة تعز، وكشف الحوالات الواردة إلى بشير صادرة من بنك الكريمي بتاريخ 10 فبراير/شباط 2021، وأيضاً فحوصات طبية تؤكد أن بشير البكاري يعاني من مرض السكري وأمراض أخرى. 

خلاصة الوثائق 

يقول ضابط التحريات في إدارة البحث الجنائي في محافظة تعز، المحقق في القضية، في تقريره رقم (24) الصادر بتاريخ 14فبراير/شباط2021، أنه تم إيقاف من وصفه بالمشتبه به (بشير البكاري)، في حجز إدارة البحث، وتم قيد بلاغ رسمي رقم (85) وتاريخ 7 فبرير/شباط2021، وأخذ أقواله وفحص هاتفه، ومواجهته بما وجدناه في مراسلات من هاتفه، وتحرير مذكرة إلى بنك الكريمي للحصول على كشف الحوالات المالية الواردة للمذكور، إضافة إلى الفحوصات والتقارير الطبية الخاصة بالمشتبه. 

وعرّف ضابط التحقيق، في تقريره، البكاري بالآتي: بشير عبد الله سيف البكاري، 44 عاماً، من أهالي بني بكاري في منطقة جبل حبشي، عمل طاهياً للطعام لدى وزير النقل الأسبق، واعد باذيب، في صنعاء، منذ بداية عام 2013 حتى اجتياح جماعة أنصار الله (مليشيا الحوثي) صنعاء، وبعدها سافر الوزير واعد باذيب إلى الخارج، وانخرط المشتبه به في بيع القات في صنعاء حتى منتصف عام 2015، وبعد ذلك سافر إلى محافظة تعز، وتحديداً إلى قريته بني بكاري، في جبل حبشي، واستقر هناك وعمل عامل “حجر وطين” في قريته، وكذلك عمل في تقطيع الحجارة وبيعها للمواطنين، مشيراً إلى أن المتهم المذكور يعاني من مرض السكري وأمراض أخرى. 

ماذا بعد؟ 

يقول التقرير: بسبب صعوبة الوضع المالي لبشير البكاري، دخل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بحثاً في صفحة مخصصة لمرضى السكري (حجبنا اسم الصفحة حتى لا يتعرض المسؤولون عنها لأي مخاطر)، ومن خلال ذلك البحث فقد تعرف على أشخاص من ضمنهم الدكتور (…) مصري الجنسية ومسيحي الديانة، وطلب الأخير من المشتبه به (بشير البكاري) رقم هاتفه الخاص، وبدأ التواصل معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي واتساب، وطلب منه التقارير والفحوصات الطبية التي تفيد أنه مريض سكري. 

تم إرسال الفحوصات من قبل المشتبه به عبر واتساب إلى الدكتور، الذي بدوره أرسل علاجات السكري من جمهورية مصر إلى صنعاء، ومن صنعاء تم إرسالها إلى منطقة البيرين جنوب مدينة تعز عبر سائق النقل، ثم بدأ الدكتور يتحدث مع المشتبه به المذكور عن المسيحية والمسيح محاولاً جذب المشتبه به للدخول إلى الديانة المسيحية. 

ويدعي تقرير المحقق، أن البكاري حصل على مبالغ مالية تم إرسالها إليه من الدكتور المقيم في جمهورية مصر إلى صنعاء، ومنها تحويلها عن طريق بنك الكريمي إلى تعز، وآخر تلك الحوالات 120 دولاراً إضافة إلى ثلاث حوالات عبر الكريمي بالريال اليمني؛ فيما تكشف وثيقة صادرة عن بنك الكريمي في 10 فبراير/شباط 2021، أن عدد التحويلات المالية التي تلقاها بشير خلال الفترة من 1 يناير/كانون الثاني 2020، حتى10 ديسمبر/كانون الأول 2020؛ تحويل واحد بمبلغ خمسة آلاف ريال يمني فقط. 

الخلاصة 

يقول تقرير المحقق في البحث الجنائي، إنه “اتضح لنا أن المشتبه به المذكور قد ارتكب عملاً من أعمال الغش على أتباع الديانة المسيحية من خلال التدليس عليهم بأنه قام باعتناق المسيحية، وأنه قد أنشأ كنيسة في محافظة تعز، واستقطب الناس إلى الدين المسيحي، وحصل على مبالغ مالية، مشيراً إلى أن المتهم لم يفعل شيئاً من ذلك”. 

ويضيف: “لقد تبين لنا أن المشتبه به المذكور لم يقم بالتبشير بالديانة المسيحية أو جذب الناس إليها؛ بل بسبب ظروفه المادية ولأنه مصاب بمرض السكر فقد ذهب مع من حاول خدعهم بأنه تحول إلى المسيحية من أجل الحصول على أموال وأدوية منهم”. 

وتابع التقرير: “تبين لنا أن المشتبه به المذكور لم يثبت حتى الآن أنه استقطب إلى المسيحية أو دعا إليها، بالإضافة إلى أنه لم يغادر قريته، إلى أية محافظة أو دولة أخرى منذ وصوله من صنعاء منتصف عام 2015، حتى وقت تقديم هذا التقرير”. 

أين وصلت القضية؟ 

الإثنين 15 فبراير/شباط2021، وصل ملف القضية إلى النيابة العامة، ومنها إلى نيابة جبل حبشي، ومن المقرر أن يصدر قرار وكيل النيابة فيها في وقتٍ قريب. 

*يتبع المعهد مؤسسة فري ميديا للصحافة الاستقصائية 

Exit mobile version