مقالات

قطر والآثار اليمنية: “الوعل” الشهير واللص الأحمق!

مشكلة “معبد المقة” أو “محرم بلقيس”. في مأرب. أنه طويل عريض عميق شاهق.. ولا يمكن حمله إلى سفينة، أو شحنه بطائرة.. وإلا لكان الآن قد أصبح أحد معالم العاصمة القطرية “الدوحة”. 

أقصد مقارنةً بتمثال “الوعل” اليمني الذي أصبح، مؤخراً، جزءاً من المجموعة الأثرية لأمير قطر الشيخ حمد آل ثاني.. وعُرض بهذه الصفة في متحف “فونتينبلو”، ثم في متحف طوكيو الوطني. 

لا أحد يدري أحجام وأعداد الآثار اليمنية الأخرى التي تمت سرقتها وتهريبها إلى قطر، وإلى غيرها من دول العالم خلال هذه السنوات المسروقة هي الأخرى ككل شيء مهم وجميل وواعد في اليمن. 

لكنها كثيرة بشكل مرعب، وأهمها “ما خف وزنه وغلا ثمنه” حسب مصطلح اللصوص والهاربين، كهذا التمثال الصغير الخفيف الذي يتكون من قطعة واحدة، ويسهل سرقته وشحنه إلى أي مكان في العالم. 

هكذا يفكر اللصوص. اللصوص الحمقى بطبيعة الحال، كون سرقة هذا التمثال تشبه أن تقوم بسرقة “معلقة امرئ القيس” أو لوحة “الجوكندا”، ثم تقدمهما للآخرين باعتبارهما من إبداعاتك أو من تركة جدتك.! 

هذا التمثال المسروق أشهر تاريخياً من دافنشي وامرئ القيس، ومن قطر طبعاً، وملامحه وبياناته معروفة مسبقاً من قبل اكتشافه، كونه امتدادا لنمط فني رمزي يمني شهير وعريق بمثابة البصمة أو الماركة المسجلة الخاصة بالحضارة اليمنية القديمة. 

هناك المئات من النقوش والتماثيل اليمنية لنفس “الوعل”، نُحتت على الحجر أو الخشب أو صنعت من البرونز أو من النحاس الذي يبدو أن هذا التمثال صنع منه، وإن كان هذه المرة يحظى بأهمية استثنائية عالية من أكثر من ناحية: 

من الناحية الأثرية، يعود هذا التمثال إلى العصر الذهبي للحضارة اليمنية القديمة، وعلى كثرة الثماثيل العائدة لهذه الفترة من النادر للغاية أن تجد ثمثالا ما زال بهذا الجمال والاكتمال. ما يجعله تحفة فنية أثرية نفيسة لا تقدر بثمن. 

من الناحية الرمزية: يتعلق هذا التمثال عفوياً بالإله “عثتر”، أحد أهم وأكبر الآلهة اليمنية القديمة، كان إله الصباح، وممثل كوكب الزهرة، وفي نفس الوقت كان إلهاً للخصب والحرب والأعاصير.. 

بمعنى أنه “الوعل” رمز لليمن والحضارة اليمنية، بل إنه في هذه الدلالة الرمزية أكثر فاعلية حتى من الطائر الجمهوري، وهو ما يعرفه حتى أرباع المثقفين اليمنيين علاوة على علماء التاريخ والآثار والمتخصصين في الثقافة اليمنية.. 

القضية وطنية إذن.. لكنها هذه المرة. لا تتعلق  بلصوص ومهربي آثار عاديين وأسواق سوداء تقليدية للتحف.. بل بأنظمة سياسية وتنظيمات دينية، ذات نفوذ وأطماع إقليمية ودولية ولها نفوذها القوي في اليمن.! 

لكن هذا “ربما” يجعل الأمل أفضل باستعادة التمثال، على الأقل أن تعرف غريمك: من سرق وهرب التمثال وفي حوزة من وأين هو الآن.. أفضل من أن تقيد القضية على ذمة مهرب يمني مجهول، باعه على أحد جامعي التحف في فنزويلا.! 

الكرة الآن في ملعب “الشرعية” ولا يحتاج الأمر إلى تحريض. الفضيحة المدوية للأمير القطري وجماعة الإخوان في اليمن. في هذه السرقة الحمقاء. أكثر من كافية لجعل من يهمهم الأمر على محك هذا الواجب البديهي، وإلا فهي فضيحة أكبر تتعلق بهم. كمتواطئين في سرقة ونهب وتهريب الآثار اليمنية. 

زر الذهاب إلى الأعلى