سننجو، وستنجو البلاد..
فقط تماسكوا.. أنزلوا الشهداء الى اللحود بحواجب معقودة وإصرار صارم على مواصلة الحياة وإنقاذ اليمن.
ترحموا على الأحبة الذاهبين إلى بارئهم، ولا تضغطوا على أيقونة (أحزنني)، بل شمروا عن قدرة عجيبة في مصارعة الموت القادم من فيروس السلالة أو فيروس الكوفيد.
ثمة يمنٌ يتقشر عن يمنٍ ثانٍ، والموجع ذهاب من كنا نحلم أن سنحتفل معهم سويا بيوم الخلاص الكبير، والحقيقة أنهم سيكونون معنا أرواحاً مباركة مستبشرة.
لا مناص من الموت، ولكن الميت ليس من استشهد وهو يواجه ركام الزيف المؤدلخ، ولا من اغتاله الكوفيد فجأة، بل الميت من لايزال حياً وقد قتله الخوف. الخوف هو القاتل الحقيقي الذي يشيّع ضحاياه وهم يتنفسون.
اطرد الخوف وعش أبد الدهر.
نعزي في استشهاد بطل واليوم التالي تحل ذكرى استشهاد بطل، وفي اليوم الثالث يرحل أربعة قبل أن تحل ذكرى ثانية لبطل عتيد، ويوم الجمعة نصلي صلاة الغائب على زميلين عزيزين أحدهما قنصه مجرم حوثي والآخر بالكورونا.. رحم الله الزميلين هشام البكيري وعبدالقوي العزاني وكل الراحلين.
بالأمس كتب البردوني واصفاً حالة الفقد أيام أوبئة وحروب الكهنوت الإمامي:
فوجٌ يموتُ وننساه بأربعةٍ
فلم يعد أحدٌ يبكي على أحدِ
عادت مخلفات الكهانة لكن الوضع اختلف، أفواج تموت ولكننا لن ننساها، وستظل قلوبنا تبكيها ودموعنا تكابر.
والموت نقادٌ على كفّهِ
جواهر يختار منها الجياد
صحيح أن الراحلين جياد ولكن برحيل كل جِيد يولد أجياد جدد يحملون الراية ويواصلون الحياة، ويضاعفون التضحية من أجل أرض غالية صارت الآن أغلى بارتوائها بأزكى الدماء وضمها لأنبل الجثامين. ورحم الله خالد الدعيس الذي استشرف ما بعد المأساة ولخص حكمة الحر الواثق المطمئن بأربعة أبيات:
مادام من بعد الحرايبْ عافية
فاهلاً بها واهلاً بذي زد هاجها
ترحب وبا ندفع ضريبة وافية
ندّي لها ما تطلبهْ بخراجها
لا بد ما ترجع سمانا صافية
وتزول عنّا العاصفة واعجاجها
تشرق صباحات البلاد الغافية
ويشع في حميَر سنا وهّاجها