ومن يفحص عذرية الحوثي؟!
في تطور لافت لقضية العارضة انتصار الحمادي، الفتاة العشرينية المختطفة لدى المليشيات (الحوثية) منذ أكثر من شهر والمتهمة بالفجور وإشاعة الفاحشة، انتشرت أخبار عن اعتزام السلطات الحوثية إجراء فحص عذرية للفتاة ذات العشرين ربيعاً بعد تصاعد الأصوات الحقوقية المنددة باختطافها.
وبعيداً عن هذا الفصل “البايخ” من فصول الكوميديا السوداء التي دأبت على إتحافنا بها المليشيا الانقلابية، وبمعزل عن سجل جرائمها وانتهاكاتها الحافل بحق الشعب والدولة والمجتمع والنساء بشكل خاص، وكون المليشيات أصلاً المتهم الأول في كل ما قد يلحق بالفتاة المسكينة من أذى أو مساس بشرفها باعتبارها مختطفة لدى جماعة قمعية رصدت بحقها الكثير من جرائم الانتهاكات والاختطاف والتعذيب والاغتصاب وهتك أعراض السجينات.
ولكون المليشيات الحوثية صاحب الامتياز في كل ما يتعلق بارتكاب الفجور والتفجير، وإشاعة الفحش والفحشاء، إذ أنها الأولى من حيث الفجور في الخصومة، والفجور في الجريمة، والأولى في إشاعة الفقر الفاحش، والظلم الفاحش، والنهب الفاحش، والفكر الفاحش، وهي المتهمة بتجنيد النساء وإشاعة الفحشاء لاصطياد معارضيها وابتزازهم وإذلالهم، وهي الأبدى في تفجير الحروب والبيوت والفتن والمجتمعات والقيم والرؤوس!
بمعزل عن كل ما سبق، ترسم الملهاة الحوثية المفجعة رديئة التكوين والمنشأ والغاية، صورة مجازية مفزعة تجسد بشاعة الواقع المُر الذي فرض على اليمنيين، فالجماعة التي انتحلت صفة الإله، وأقامت معراجها الفوقي المسلط على الضمائر والقلوب الهاتك لحرمات الناس، وقيم المجتمع وأعرافه، وكرامة شعبه الذي يزعم أنَّه أبي، ينتخب نفسه، بل يزكيها إلى مصاف الأشرف المنزه سبحانه، القائم القيوم على حياة الناس ومصائرهم، المجتبى المتألي المدنس لشرفهم متى شاء وكيف يشاء.
يعطي الحوثي لنفسه الحق في الكشف على عذرية بنات الناس، المسلمات الغافلات المطمئنات، اللائي اختطفهن واحتجزهن في سجونه سيئة السمعة دون وجه حق، وولى مصائرهن زبانيته الذين يعلم الله وحده ما الذي فعلوه ويفعلونه بهن، دون أن يخبرنا أحد، من سيتسلط –عن حق وجدارة وحتمية– على الحوثي ليفحص عذريته هو، ويعري افتقاره للشرف والأخلاق والمروءة، وقبل ذلك للآدمية، بل وللصفات الحيوانية التي فطر الله بها وحوشه البهيمية.
من سيتفحص عذرية الحوثي الذي فتح ساقي البلاد للغزاة والمحتلين، الذي دنس شرف الوطن، وكبرياءه وكرامة شعبه المغدور، الذي فتح المواخير في قلوب وعقول الآلاف من المرتزقة، فأحالهم إلى قوادين، الذي أهان الدين وسفه الديان جل وعلا، الذي حول كبرياء اليمنيين الممتلئين أنفة وعزة وعفة يرقعون بها ما خرق من سترهم، إلى جموع من العاجزين الأذلاء في طوابير الإغاثة وعلى الحدود، من رعرع صفة القواد في عقول آلاف المتاجرين باسم اليمن، وقضيته، وشعبه، وشرفه.
لولا الحوثي، لم يكن للأجنبي حلٌّ بهذا البلد، عدواً أو صديقاً، لولا أنه عراها، وصفق على أفخاذها يدعو صغار القامة والقيمة، من أعنان الأمم والدول، ليستبسلوا بضآلتهم على منافة وطننا وامتناعه، فهل يقوم من أهان اليمن وشعبه، ورجاله ونساءه، من أحوجهم وكسر كبرياءهم، من جوَّعهم وظلمهم ونكل بهم، من خان ثقتهم وهتك أستارهم ولغم حاضرهم ومستقبلهم، من دمر قيمهم وأعرافهم وجحد فضلهم عليه وكرمهم، هل يقوم بكل هذا، إلا منزوع الشرف، ركيك الحسب، رديء الصفات؟!
الحوثي ورهطه، هم الأحوج لفحص عذريتهم، عذرية الانتماء، وعذرية القيم، وعذريَّة المروءة، وعذرية الشرف، وعذرية الأصالة والوطنية والفطرة والأخلاق، وليس بنات اليمن من يحتجن لذلك، فقد ظل اليمن، رجاله ونساءه، بجيدهم وسيئهم، كريمهم ورديئهم، نظيفاً كبيراً عزيزاً، فحتى من أصابه السوء والعيب، يجاهد مصابه وابتلاءه، ويأبى بفطرة الحر، أن يعدي أو يعادي مجتمعه وقيمه الأصيلة، بما أعوره من نقص أو سوء خليقة، بعكس مسوخ الحوثية، من عجائب الوحش والدونية.
كل التضامن مع الأخت انتصار، في مصابها، وكل التضامن مع اليمن وشعبه وكبريائه الجريح، وقيمه الأصيلة الممتهنة.