اخبار الشرعيهاخبار المقاومةالحوثي جماعة ارهابيةالرئيسيةجبهاتمأربمحليات

واشنطن: مأرب لن تسقط اليوم بيد الحوثي ولن تسقط غد ولا مستقبلا

وصف مراقبون إدراج الحكومة الأميركية قيادييْن عسكرييْن حوثيين على لائحة العقوبات، بأنه مؤشر على تحول جدّي قد يطرأ على موقف واشنطن خلال الفترة القادمة ردا على التصلب الحوثي الذي تسبب في تبديد جهود إدارة الرئيس جو بايدن للدفع بعملية السلام في اليمن. 

وكشفت “العرب” في وقت سابق عن رسائل بعثها مسؤولون أميركيون على صلة بالملف اليمني إلى الجماعة الحوثية عبر مسقط، هددوا فيها باتخاذ قرارات قاسية ضد الحوثيين على خلفية رفض وفدهم التفاوضي للنسخة المعدلة من مبادرة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث والامتناع عن اللقاء به خلال زيارته العاصمة العمانية برفقة المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي ليندركينغ. 

وأعلن ليندركينغ في مؤتمر صحافي عبر الهاتف الخميس عن فرض عقوبات على اثنين من القادة العسكريين الحوثيين مرتبطين بالهجوم الذي تشنه الميليشيات الحوثية على مأرب، وهما رئيس هيئة الأركان الحوثية محمد عبدالكريم الغماري، والقيادي العسكري الحوثي البارز يوسف المداني. 

وحمل الإيجاز الصحافي الذي قدمه ليندركينغ العديد من الرسائل التي تعبّر عن تحول وشيك قد يشهده الموقف الأميركي في الفترة القادمة من جهة تركيز مستوى الضغوط على الحوثيين، وربما عكس نتائج القرارات التي اتخذتها الإدارة الأميركية الجديدة مثل رفع الجماعة الحوثية من قائمة الإرهاب والتي اعتبرها خبراء خطأ أميركيا ساهم في تعقيد الملف اليمني وتشجيع الحوثيين المدعومين من إيران على المضي قدما في التصعيد العسكري باتجاه مأرب أو الأراضي السعودية. 

وجدد ليندركينغ في إحاطته الصحافية على التزام الولايات المتحدة بإيجاد حلّ للصراع في اليمن، مشيرا إلى أنه قام حتى الآن بخمس رحلات إلى دول مختلفة في منطقة الخليج ومن ذلك رحلته الأخيرة برفقة المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث والسيناتور الأميركي كريس مورفي والتي خرج منها حسب تعبيره، بخيبة أمل نتيجة رفض وفد الحوثيين في سلطنة عمان لقاء المبعوث الخاص للأمم المتحدة، مشدّدا على أن رفضهم ذلك الاجتماع بالتحديد لم يكن هو الشيء الوحيد الإشكالي حيث “أظهروا رغبتهم في الانخراط مع شتّى الأطراف المعنية ولكنهم سرعان ما كانوا يتراجعون عن مسارهم”. 

وكشف المبعوث الأميركي في سياق حديثه عن التنازلات التي قدمتها واشنطن لتشجيع الحوثيين على الانخراط في التسوية السياسية من خلال إلغاء تصنيف جماعتهم منظمة إرهابية ووضع بعض القيود على دعم القدرة الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية، مؤكدا أن “تلك إشارات قوية تفيد بأن الولايات المتحدة تريد القيام بالأمور في اليمن بطريقة مختلفة”. 

وحضرت مأرب والمواجهات التي يخوضها رجال القبائل وقوات الحكومة اليمنية لصد الهجمات الحوثية المكثفة في حديث المسؤول الأميركي الذي أشار إلى انزعاج واشنطن من مواصلة الحوثيين للقتال في مأرب التي “لم تسقط في شهر رمضان كما كانوا يتوقّعون”، بحسب تعبير المبعوث الأميركي الذي أكد معلومات سابقة انفردت “العرب” بنشرها حول إبلاغه من قبل وفد الحوثيين بنيّة الجماعة عدم الانخراط في أيّ جهود حقيقية لوقف إطلاق النار في اليمن قبل السيطرة على مأرب. 

وقد كشف حديث ليندركينغ كما يبدو من سياق تصريحاته عن سقف زمني حدده الحوثيون لإسقاط مأرب خلال شهر رمضان، وهي المهمة التي فشلوا فيها، نتيجة تماسك الدفاعات عن المدينة التي تمثل آخر معاقل الحكومة المعترف بها دوليا في شمال اليمن. 

ويشير مراقبون إلى أن الموقف الأميركي على صلة بقناعات تكوّنت لدى المجتمع الدولي حول تبدد فرص الميليشيات الحوثية في خلق واقع جديد في محافظة مأرب الاستراتيجية وهو ما عبّر عنه المبعوث الأميركي في إحاطته الإعلامية بشكل صريح من خلال القول إن مأرب “لن تسقط الآن ولن تسقط في أيّ وقت في المستقبل المنظور” وأن ما يفعله الحوثيون اليوم بعد تلاشي فرص انتصارهم الخاطف سوى المزيد من التعقيد لفرص التسوية السياسية وممارسة “مقدار هائل من الضغط على الوضع الإنساني الهش للغاية”. 

وتابع ليندركينغ “لن يؤدّي الهجوم في مأرب بنا إلى أيّ مكان. هناك قدر كبير من التخويف للقبائل والعائلات اليمنية المتورّطة لحمل الشباب على الذهاب إلى ساحة المعركة. بيد أنهم لا يموتون من أجل قضية ثمينة من وجهة نظر الولايات المتحدة ومن وجهة نظر المجتمع الدولي. وأعتقد أن المجتمع الدولي أصبح أكثر انسجاما مع حقيقة أن هجوم مأرب مقلق للغاية، ويتعارض أيضا مع ادعاءات الحوثيين برغبتهم في صنع السلام”. 

ويشبّه مراقبون للشأن اليمني الضغوط الدولية المتزايدة على الحوثيين اليوم بشأن وقف الهجوم على مأرب بتلك التي مارسها المجتمع الدولي والأمم المتحدة في العام 2018 لإفشال السيطرة الوشيكة للمقاومة المشتركة في الساحل الغربي على ميناء الحديدة، والتي انتهت بتوقيع اتفاق السويد ووقف إطلاق النار ونشر المراقبين، مع وجود فارق أساسي يتعلق بطبيعة الحوثيين الأيديولوجية وارتهان قرارهم بشكل متزايد للنظام الإيراني الذي حول الملف اليمني إلى ورقة ضغط إضافية في مباحثات فيينا حول الاتفاق النووي. 

وتسببت المواقف الحوثية الرافضة للمبادرة الأممية في نسختها الأخيرة التي استوعبت اشتراطات الحوثيين الرئيسية التي ظلوا يطالبون بها خلال السنوات الماضية في إحراج واشنطن وإحباط جهودها الرامية لتحقيق اختراق في الملف اليمني، وخصوصا بعد موافقة الحكومتين اليمنية والسعودية على تقديم تنازلات تسحب بساط الذرائع الحوثية المتعلقة بالجانب الإنساني وفي مقدمة ذلك السماح بإعادة تشغيل مطار صنعاء وتخفيف القيود على ميناء الحديدة ووضع خطة طارئة لمعالجة الملف الاقتصادي بعد التوافق على وقف شامل لإطلاق النار يمهد الطريق نحو استئناف مشاورات السلام برعاية أممية. 

وتشير المعطيات إلى أن التعنت الحوثي إزاء المبادرة الأممية ورفض التعامل مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث جاءا كمحاولة لإعادة الحوار إلى نقطة الصفر والحيلولة دون تحول الضغوط الدولية باتجاه الحوثيين بعد التنازلات الكبيرة التي قدمتها الحكومة اليمنية. 

ومع تجاهل الحوثيين لكل أشكال الضغط الذي تمارسه واشنطن، وتضاؤل فرص إحراز أيّ طرف يمني لانتصار عسكري قد يغير معادلة القوة ويلقي بظلاله على حالة الجمود السياسي، تنحصر رهانات المجتمع الدولي والأمم المتحدة في انعكاس أيّ توافقات أو تفاهمات إقليمية على حالة الملف اليمني، وفي مقدمة ذلك نتائج مباحثات فيينا أو الحوار غير المعلن بين طهران والرياض والذي وصفه المبعوث الأميركي إلى اليمن بأنه “لن يكون مفيدا فقط لتخفيف التوترات الشاملة في المنطقة، ولكن لا بدّ وأن يكون له تأثير إيجابي على الصراع اليمني على وجه الخصوص”. 

زر الذهاب إلى الأعلى