الريال اليمني يلامس أدنى مستوى له على الإطلاق “انهيار قياسي وغير مسبوق”
سجل سعر صرف الريال اليمني هبوطا قياسيا أمام الدولار والعملات الأجنبية مقتربا من حاجز الألف ريال للدولار، وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء وزيادة حادة في أسعار السلع الغذائية بمدينة عدن ومحافظات الجنوب بما ينذر بكارثة اقتصادية على البلاد.
ويتوقع خبراء أن تواصل العملة اليمنية انهيارها لتبلغ ألف ريال مقابل الدولار قبل نهاية العام 2021.
وقال متعاملون في عدن لرويترز إن سعر الريال واصل تراجعه “المخيف” ليسجل لأول مرة في تاريخه هبوطا غير مسبوق في تداولات سوق الصرف مساء الثلاثاء الماضي.
وبلغ سعر صرف العملة المحلية 961 ريالا للدولار للشراء و967 ريالا للبيع بعد أن كان قبل يومين فقط عند 950 ريالا للدولار، وذلك في أسوأ انهيار منذ بدء الحرب في البلاد قبل أكثر من ست سنوات.
لكن أسعار صرف الريال في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي بشمال البلاد لا تزال ثابتة ومستقرة عند 600 ريال للدولار.
وجاء الانخفاض الجديد رغم الإجراءات والقيود المؤقتة المفروضة من البنك المركزي اليمني في عدن على قطاع الصرافة بالعملات الأجنبية لوضع حد لتدهور حاد مستمر في العملة المحلية المتداعية.
ويأتي انهيار الريال متزامنا مع أول يوم لتنفيذ قرار جمعية الصرافين في عدن بإيقاف كافة عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية في سوق الصرف في محافظات الجنوب المحررة.
وقال شاهد لرويترز إن شركات ومحلات الصرافة في عدن امتنعت عن بيع العملات الأجنبية، خاصة الدولار والريال السعودي، لكنها استمرت في شراء العملات الأجنبية من زبائنها رغم قرار منع البيع والشراء.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع أخطرت جمعية الصرافين في عدن شبكات التحويل المالية المحلية بإيقاف عمليات البيع والشراء للعملات الأجنبية بين الصرافين.
ووجه التعميم الصادر من الجمعية بمواصلة عمليات البيع دون الشراء للعملات الأجنبية للتجار لتلبية احتياجات الاستيراد، كما منع شراء العملات الأجنبية بما يتجاوز ألفي ريال سعودي وغيرها من العملات المرجعية.
وخسر الريال أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار منذ اندلاع الحرب مطلع 2015، وتسبب في زيادات حادة للأسعار.
وعجز الكثير من اليمنيين عن شراء بعض السلع الأساسية لتزيد الأوضاع المعيشية للمواطنين تفاقما، خصوصا مع توقف صرف مرتبات الموظفين الحكوميين منذ أكثر من 4 سنوات في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين في شمال اليمن.
ووفقا لمراكز اقتصادية، فقد انخفض الريال بنسبة تزيد على 300 في المئة عما كان عليه قبل الحرب، عندما كان سعر الصرف مستقرا عند 214 ريالا أمام الدولار في أواخر العام 2014.
ويقول المختصون إن إيقاف المضاربة على العملة في السوق وإحالة عمليات الشراء الكبرى إلى البنك المركزي سيعمل على تعزيز وجود العملة الأجنبية في البنك من أجل إحداث حالة من الاستقرار في السوق المصرفي والسيطرة على “انهيار جنوني متسارع” للريال.
ويأتي تسارع انخفاض العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، مع استمرار المركزي اليمني في انتهاج سياسة إمداد السوق بأموال مطبوعة في روسيا حديثا.
وتتصاعد تحذيرات خبراء اقتصاد من أن استمرار الحكومة والمركزي في طبع النقود وضخها في السوق دون معايير وضوابط يساهم في ارتفاع معدلات التضخم، فضلا عن التأثير المباشر على تدهور الريال في ظل غياب الرقابة وسياسات نقدية صحيحة، مما يؤدي إلى استمرار انهيار العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية في سوق الصرف.
وحذر هؤلاء من أن استمرار انهيار سعر العملة المحلية أمام الدولار ستنتج عنه “كارثة اقتصادية” تلقي بظلالها على الحركة التجارية في البلاد مما يمثل عبئا كبيرا على اليمنيين.
ويواجه اليمن، الذي يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفقا للأمم المتحدة، ضغوطا وصعوبات مالية واقتصادية غير مسبوقة بسبب تراجع إيرادات النفط، التي تشكل 70 في المئة من إيرادات البلاد، وكذلك توقف جميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة.
وحذرت منظمات إغاثة دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة من أن الاقتصاد اليمني يقف على حافة الانهيار.