اخبار الشرعيهاخبار المقاومةالرئيسيةتعزعدنمحليات

الصبيحة.. جدار عدن الغربي في وجه “الفتنة” المدعومة إخوانياً

شكلت الأحداث التي شهدتها منطقة خور عميرة بمديرية المضاربة ورأس العارة بمحافظة لحج، بين قبيلة الأغبرة، إحدى قبائل الصبيحة، وقوات العمالة؛ شكلت منعطفاً خطيراً في سياق محاولات شرخ الوحدة الجنوبية. 

ورغم بشاعة تفاصيل الحادثة المتمثلة في تصفية جريحين من قوات العمالقة متهمين بمقتل شخصين من قبيلة الأغبرة في سوق المخا قبل نحو شهر، إلا أنها لم تكن الجانب الأخطر فيما حدث. 

فالجانب جاء في تداعيات الحادثة ومحاولات نقلها من السياق الجنائي أو الصفة الانتقامية لها، إلى السياق المناطقي أو القبلي بين قبائل الصبيحة التي تنتمي لها قبيلة الأغبرة، وقبائل يافع التي ينتمي لها الجريحان وقيادة قوات العمالقة ممثلة بالقائد أبوزرعة المحرمي. 

محاولة النقل هذه مثلت أخطر تداعيات الحادثة، والتي عملت عليه بشكل واضح جماعة الإخوان وأدواتها الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسهم المدعو أنيس منصور الذي يقود واحدة من أهم الخلايا الإعلامية الإخوانية من مسقط بعُمان وبتمويل قطري. 

كثف أنيس منصور، من خلال حسابه الرسمي ومئات الحسابات الوهمية التي يمتلكها على مواقع التواصل الاجتماعي، باستغلال الحادثة وإبرازها بأنها نصر لقبائل الصبيحة على قبائل يافع، والتأكيد بأن جميع ضحايا الحادثة من قوات العمالقة كقتلى ومصابين وأسرى هم من أبناء يافع،  والسخرية منهم بوصفهم بأنهم “كباش” في إحدى تغريداته. 

التحريض الإخواني واستغلال الحادثة وصل إلى حد اختلاق أخبار وبيانات كاذبة باسم قبائل الصبيحة، كحال البيان الذي نشره عدد من المواقع الإخوانية وعلى رأسها موقع “مأرب برس”، باسم قبائل الصبيحة والزعم بوجود تحشيد عسكري من قبل قوات العمالقة صوب مناطقها. 

هذه المزاعم الإخوانية يكذبها الواقع، بوجود تحركات تقودها شخصيات عسكرية وقبلية لاحتواء الأزمة، حيث عُقد اجتماع ضم كبار القيادات العسكرية من أبناء منطقة الصبيحة ومشايخ قبيلة الأغبرة لوضع حلول ومعالجات لما حدث. 

وضمن محاولات قطع الطريق على الاستثمار الإخواني للحادثة، دعا محافظ محافظة لحج قائد اللواء 17 مشاه اللواء الركن أحمد عبدالله تركي، أبناء يافع والصبيحة إلى عدم الانجرار خلف الدعوات المناطقية والعنصرية. 

وأكد المحافظ، في تصريح صحفي له، بأن الأمور في طريقها إلى الحل “بالتعاون مشايخ الأغبرة ومشايخ وقيادات الصبيحة ومع الأخوة قيادات ألوية العمالقة ومشايخ يافع”، حسب قوله. 

وكان لافتاً اختتام المحافظ لتصريحه بالقول “إن ما حصل ليس قضية سياسية كما يحاول جرها بعض المنحطين والمأزومين بل القضية جنائية بامتياز، وسنعمل على اتخاذ الإجراءات بالقانون أو بالعُرف”. 

محاولات الإخوان استغلال الحادثة للدفع نحو إحداث فتنة مناطقية بين أبناء الجنوب، لم تقتصر على أدواتها المعروفة، بل جاءت عبر أدوات أخرى غير معروفة بارتباطها بجماعة الإخوان وبلغة ذكية نوعاً ما من خلال تهويل ما حدث وتضخيم تداعياته ظاهرها التحذير وباطنها التحريض. 

هذه اللغة ظهرت في التعليق الذي صدر عن عدد من الشخصيات البارزة من أبناء الصبيحة، ومن أمثلة ذلك التحذير الذي أطلقه “الشيخ عصام هزاع الصبيحي من قنبلة اجتماعية لن ينجو منها أحد، وستقضي على ما تبقى من لُحمة النسيج الاجتماعي الجنوبي”. 

تحذير المدعو وإن كان ظاهره الحرص على “لحمة النسيج الاجتماعي الجنوبي”، إلا أن ارتباطات الرجل الخفية مع جماعة الإخوان تكشف المضامين الحقيقية لتحذيره، كرسائل مبطنة لنفخ النار تحت رماد الفتنة التي تسعى لها جماعة الإخوان. 

اللافت أن تحذير المدعو الشيخ عصام هزاع الصبيحي يتزامن مع كشف الناشط أحمد سعيد الوافي، وهو أحد أبرز النشطاء المعارضين لجماعة الإخوان بتعز والمقيم حالياً في عدن، كشف عن تعرضه للتهديد بالقتل وتفجير منزله من قبل نجل شقيق هذا الشيخ، على خلفية فضح تورطه في نهب أراضٍ في عدن. 

الوافي نشر تسجيلاً للمكالمة التي تعرض فيها للتهديد، وكان لافتاً إشادة المدعو أكرم نجل شقيق الشيخ هزاع الصبيحي بالقائد الإخواني البارز في تعز حمود سعيد المخلافي الذي يقود مليشيات “الحشد الشعبي” الممولة من قطر في ريف تعز لتهديد الساحل الغربي والجنوب. 

كما كشف الوافي، في منشورات له لاحقة، عن ارتباط الشيخ هزاع الصبيحي بجماعة الإخوان، مؤكداً بأنه يعد أحد أدوات قطر والإخوان في مناطق الصبيحة، وسبق وأن قام بتهديده بإحراق سمعته، مضيفاً بان إعلام وناشطي الإخوان قاموا عقب هذا التهديد بفبركة مزاعم ضده. 

محاولات الإخوان استغلال الحادثة لم تكن إلا حلقة في مسلسل ممتد منذ سنوات لاختراق قبائل الصبيحة التي تعد أشبه بجدار حماية لعدن من جهة الشرق والشمال، بل يمكن اعتبار هذه المحاولة كورقة بديلة على الفشل الذريع لمحاولة الاختراق عبر ما يسمى بـ”محور طور الباحة العسكري”. 

حيث مثلت الاستقالات لقيادات عسكرية من أبناء الصبيحة من المحور الذي يقوده الإخواني ابوبكر الجبولي، ضربة عنيفة لمخططات الإخوان باختراق مناطق الصبيحة عبر تجنيد أبنائها باستغلال الخلافات والثأرات بين قبائلها. 

وعلى ما يبدو فإن فشل رهان جماعة الإخوان باستغلال الخلافات البينية بين قبائل الصبيحة، دفعها إلى الانتقال إلى خلق خلافات بينها وقبائل جنوبية أخرى وعلى رأسها قبائل يافع كما حصل في الحادثة الأخيرة، ومحاولة إحياء إرث الصراع الأليم في الجنوب وبخاصة أحداث يناير 86م. 

هذه المحاولة الخطيرة لا تعمل عليها جماعة الإخوان وحدها، بل تشترك معها قوى أخرى مرتبطة بها وعلى رأسهم هادي وأتباعه من القيادات الجنوبية، التي ترى في الورقة المناطقية ونبش الماضي الرهان الأخير لضرب المجلس الانتقالي وعودة عدن إلى نفوذهم. 

زر الذهاب إلى الأعلى