الرئيسيةتقاريرثقافة وفنمحليات

رفيق الفاتنات بليالي الفرح.. “الفل” هدية الحب العتيقة في اليمن

يمن الغد – بديع سلطان 

يجلب سعيد الإبي سلةً مليئة بالفل يوميًا إلى “بسطته” القابعة في قلب أكثر أسواق مدينة عدن اليمنية ازدحاما وشعبية، سوق الشيخ عثمان. 

وبعد أن يكمل ترتيب البسطة التي هي عبارة عن طاولة صغيرة، يقوم بعرض “جروز” الفل بأشكالها الأنيقة، والتي يتفنن في تنميقها بشكل أنيق لجذب زبائنه. 

قبيل ظهر كل يوم، ومنذ نحو 20 عاما، يقوم سعيد الإبي بهذا العمل، الذي توارثه عن أبيه، ورغم روتين عمله إلا أنه لم يفقد طوال هذه الفترة شغفه وحماسه تجاه ما يقوم به، والذي لم يغادره أبدا. 
 

بيع البهجة 

يتم الآن إدراج صورة...

يعتقد سعيد الإبي، أنه لا يبيع الفل لزبائنه باعتباره سلعة، لكنه يبيع البهجة والفرح الذي تحمله هذه الزهور البيضاء. 

فالفل بحسب سعيد أسلوب حياة بالنسبة لأهالي عدن وكافة المناطق الساحلية جنوب اليمن، كما أن له إقبال كبير وطلب في مناسبات الأعراس والمناسبات الاجتماعية السعيدة. 

ويضيف: “يزيد إقبال الناس على الفل، في نهاية كل أسبوع، بالإضافة إلى حفلات التخرج الجامعية، لكن الأعراس ومناسبات الخطوبة وعقد القران يكون فيها الإقبال على الفل أكبر”. 

وهذا ما قصده سعيد حين أشار إلى انه لا يبيع مجرد سلعة، بقدر ما يبيع السرور والفرح والبهجة، التي يراها الناس في زهور الفل البيضاء. 
 

مصدر رزق 

رغم أنه يبيع السعادة كما يقول، إلا أن سعيد لا يغفل أن محصول الفل يمثل مصدر رزق للكثير من بائعيه، خاصة في منطقة الشيخ عثمان، حيث سوق خاص سمي باسم هذه الزهور، سوق الفل. 

ويشير سعيد إلى أنه وبقية البائعين يجلبون الفل كل صباح من محافظة لحج -المجاورة لعدن- حيث مزارع الفل التي تحوي أجود أنواع الفل اليمني، وهو “الفل اللحجي”. 

ويؤكد أن أسعار الفل تختلف من موسم إلى آخر، وأفضل مواسمه يكون في فصل الصيف، حيث تنخفض أسعاره، ويُقبل عليه المواطنون بشكل كبير. 

ويواصل: “لكن الأعراس والمناسبات السعيدة وحفلات التخرج، لا تخضع لارتفاع الأسعار، حيث يقبلون على الفل حتى لو كانت أسعاره مرتفعة، كما في غير مواسمه كفصل الشتاء، حيث يقل حصاده ويرتفع سعره”. 

فليس هناك ما يضفي مزيدا من النشوة والبهجة على المناسبات مثل الفل، بحسب سعيد. 

يتم الآن إدراج صورة...

ارتباط وجداني 

الفل أكبر من مجرد زهرة ذات رائحة عبقة، يُهدى في مناسبات الحب، ويرافق الفاتنات في ليالي الفرح العائلية، وتتزين به الفتيات والنساء اليمنيات في مجالسهنّ منذ الأزمنة العتيقة. 

بل أنه يقبع عميقا في وجدان اليمنيين، وليس أدل على ذلك كونه طقسا من طقوس الحياة اليمنية عموما، والعدنية تحديدا والمحافظات المجاورة لها. 
فصوت فنان اليمن الكبير، ابن محافظة أبين، محمد محسن عطروش، ما زال يتردد في مسامع اليمنيين كلما أقبلت مناسبة سعيدة أو ليلة خميس، حيث يقول عطروش في رائعته الشعبية “بائع الفل”:  
 

“رحنا إلى البندر في شهر نيسان 
نشتي نبيع الفل لكل ولهان 
ضيعت أنا فلي وأصبحت هيمان 
روحت أنا.. والقلب في الشيخ عثمان”. 
 

زر الذهاب إلى الأعلى