عظيمي.. ومهنة الخط العربي


يمن الغد – منصور الدبعي


لم يستسلم حمزة عظيمي امام ظروف الحرب الحاصلة في البلد منذ خمس سنوات، لتوفير متطلبات واحتياجات العيش له واسرته، حيث يمارس موهبة الخط وكتابة مخطوطات التهاني وعبارات الفرح والمناسبات على التحف والهدايا والمجسمات المختلفة.
على طاولة خشبية صغيرة، وسط ساحة المطراق “سوق قديم بالحديدة”، يجلس حمزة عظيمي على كرسي صغير يمارس موهبته في الكتابة على اللوحات بمختلف انواع الخطوط العربية، ويعمد ابداعه على تحف وهدايا المحبين خالدا لذكريات لاتنسى معهم.
اتجه حمزة لتوظيف مهارته هذه كفرصة عمل، حيث يقول “أنا أؤمن بحكمة الخط، مفتاح الرزق، ونحن شعب نصنع المستحيل ونعيش تحت أي ظروف، ولجأت إلى عملي هذا بعد أن توقف صرف الرواتب بسبب الحرب”، مشيرًا إلى أنه يعمل معلمًا في وظيفة حكومية
يقول حمزة الراتب حياة ومصدر رزق، في بداية الامر كنت في حالة شتات وقلق غير قادر على التفكير، حتى اتخذت قرار باهمية البحث عن حلول بديلة كمصدر رزق، وكان العودة الى ممارسة الخط العربي مم اجل كسب لقمةالعيش.
لم يجد حمزة وسيلة عمل اخرى خلال الحرب غير اللجوء الى توظيف موهبته في الخط العربي، بعد تقلص فرص العمل، رافضًا الاستسلام للواقع الذي فرضته الحرب، ويستطرد بالقول: إذا أردت أن تعيش لابد ان تواجه التحديات والمخاطر بالنجاح والعمل، فالحياة تبتسم لمن يعمل”.
استمر عظيمي من ممارسة موهبته كعمل يدر عليه الربح، ورغم تنمر البعض من حوله من عدم جدوى ما يقوم به بأنه لا يجد مقابل مادي كبير جراء ما يقوم به، إلا أن حمزة لم يبالي بما يتلقاه من سخرية، وبدا يذهب الى مالكي المحلات التجارية، ويبيعهم مخطوطات تحمل اسماءهم محلاتهم.
وهكذا استمر عظيمي في عمله كخطاط، وبدأ الكثير يطلب منه الاعمال، كمالكي المحلات التجارية، أو سائقو حافلات الأجرة اللذين يطلبون منه كتابة حكم عبارات شعبية وفي الزجاج الخلفي لحافلاتهم.
يوصف علاء مقبولي أحد مالكي حافلات النقل موهبة حمزة بالفريدة ويضيف: طلبت منه كتابة حكمة في حافلتي، وبعدها كان الكثير يستوقفني ليسأل من قام بكتابتها بهذا الخط الجميل”.
كما يؤكد وهيب الخالدي مالك لمحل تجاري في مدينة الحديدة، أن حمزة أهدى له لوحة تحمل اسم محله التجاري بخط جميل، مما دفعه ذلك إلى أن يطلب منه أن يقوم بتزيين وزخرفة أبواب محلاته التجارية.
يرتاد على حمزة العديد من الأشخاص الذين أعجبوا بما يقدمه من فنون للخط العربي، ويستذكر حمزة بعض المواقف التي حدثت معه فيقول: ذات مرة طلب مني ان اكتب عبارات التهاني والحب على كأس زجاجي، وبعد فترة يأتي صاحبها ومعه بقايا ذلك الكأس، بعد ان سقطت عليه وتحطمت، وجاء إلي لأعيد له كتابة ذات العبارة في كاس آخر، لتبقى خالدة”.
يقول حمزة بأن الخط العربي لديه منذ صغره، وأضاف: كان هناك معلم مصري، اسمه ايمن رفعت كان يراقب نمو موهبتي بالخط والرسم وكان يشجعني جدا ويعطيني بعض الملاحظات التي كنت اعمل بها كثيرا خلال فترة دراستي، كما أن معلم مصري آخر يدعى صلاح شحاته، جعلني أمارس هوايتي بشكل يومي كحب وتعلق دائم، فكان يأتي بقطعة خشبية فيها حكم وأقوال ويطلب مني أن أخطها بالفرشاة الملونة، وكنت اقضي ساعات طويلة في ذلك”.
يصف الاخصائي الاجتماعي رضوان الصلوي حمزة بالرجل العصامي والمكافح الباحث عن لقمة العيش بيده لا بيد غيره، ويضيف: واجه ظروف الحرب وانقطاع الرواتب بتجربة تحمل دلالات وقيم يجب ان تعلم وتغرس في ذهن الاجيال القادمة.

Exit mobile version