ماذا قال علي ناصر محمد عن ما يحدث في عدن والجنوب وشرعية هادي والوحدة؟ “حوار”
“إرم نيوز”- عبد اللاه سُميح:
قال الرئيس الأسبق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي)، علي ناصر محمد، إن “الشرعية اليمنية تعاني تشققات.. وبات لكل شق منها هدف معيّن. وإنه أصبح من الصعب إصلاح هذه التشققات، في وقت يمرّ فيه اليمن بمرحلة من التعقيد لم يسبق أن مرّ بها من قبل.
وأوضح، في حوار أجرته معه “إرم نيوز”، أن ”قرابة 6 سنوات من الحرب، أنتجت وضعا مأساويا في غاية التعقيد. وأفرزت سلطات متعددة وحكومات وجيوشا وميليشيات وأمراء وتجار حروب، لا يريدون نهاية لهذه الحرب“.
وأضاف: أن ”حجر الزاوية للسلام في اليمن، يتجسد في وقف الحرب والاتفاق على تحقيق السلام عبر حوار وطني جديد لا يستثني أحدا. تُقدَم فيه التنازلات من جميع الأطراف، برعاية دولية وإقليمية تدعم أي حل ينتج عنه”.
وبشأن الأوضاع في جنوب اليمن، قال: إن “ما يجري في عدن والمحافظات الجنوبية، هو شيء خطير، يهدد الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي، وإنه لا بد من الاحتكام إلى لغة الحوار لا السلاح”.
نص الحوار:
بداية، ما هي قراءتكم المختصرة للوضع السياسي الراهن في اليمن؟ وإلى أين تتجه الأمور برأيكم؟
الوضع السياسي الراهن في اليمن، يمر بمرحلة من التعقيد لم يسبق أن مرّ بها من قبل؛ قرابة ست سنوات من الحرب أنتجت وضعا مأساويا في غاية التعقيد: سلطات متعددة وحكومات وجيوش وميليشيات وأمراء وتجار حروب، لا يريدون نهاية لها، فهم يجنون من ورائها الملايين على حساب دماء اليمنيين. هذا وضع شديد التعقيد لا يبشر بخير، والبلد غارق في الحرب والناس منغمسون ومقسمون فيها بكل مآسيها، ولا أحد يفكر أو يتحدث عن السلام أو أنهم يتهربون من استحقاقاته خشية أن يخسروا ما حققه من مكاسب شخصية أو حتى حزبية بعيدا عن المصلحة الوطنية.
يرى الكثيرون أن الحرب في اليمن مرتبطة بالتجاذبات الإقليمية وربما الدولية، فهل بالإمكان حل المعضلة اليمنية بمعزل عن هذه التجاذبات؟
ليست هذه المرة الأولى في تاريخ الصراع، في اليمن وعلى اليمن، التي تكون فيها التجاذبات الإقليمية والدولية حاضرة، ربما تكون حاضرة هذه المرة بقوة ووضوح وصراحة أكثر من أي وقت مضى، وربما دخلت قوى إقليمية جديدة على خط الصراع والتجاذبات لم تكن موجودة من قبل، نعم لا يمكن حل الأزمة اليمنية بمعزل عن توافق دولي وإقليمي، لكن المهم أن تكون هناك إرادة يمنية وطنية جامعة لإنتاج مثل هذا الحل.
هناك تسريبات متداولة عن مقترحات للمبعوث الدولي الجديد إلى اليمن، تتحدث عن تشكيل مجلس رئاسي للبلد.. هل ترى واقعية في مثل هذا المقترح، في ظل تشظي المكونات اليمنية وتعقد الأزمة جنوبا؟
مثل هذا الحل، كان مطروحا في وقت مبكر من بدء الحرب اليمنية، وطرح على بساط البحث في بعض المراحل، وربما كان سيجد القبول حينها، وحالت ظروف واعتراضات معينة دون الأخذ به، وربما كان هذا سيجنب البلد الكثير من المآسي التي تعرضت وتتعرض لها لو أخذ به في حينه. لا علم لي بأن لدى الممثل الجديد للأمين العام للأمم المتحدة حل من هذا النوع، مقترح مثل هذا ينبغي ألا يكون منفردا، بمعنى أن يكون جزءا من حزمة لمرحلة انتقالية يتوافق عليها الجميع، محددة بسنوات وينتج عنها في الأخير حل سياسي شامل ودائم للأزمة اليمنية.
هل تعتقدون أن مخرجات الحوار الوطني أو المبادرة الخليجية مثلا، ما زالت صالحة كمرجعية سياسية لإحداث لاحقة لها؟
أخشى أن التطورات والحرب ونتائجها قد خلقت وضعا جديدا، بحيث لم تعد مثل تلك الحلول التي أفرزتها نتائج مغايرة تصلح اليوم لإنتاج حل للأزمة اليمنية. ربما نجد بعض العناصر التي ما زالت صالحة في تلك المبادرات، ولكن ليست كلها. وحتى هذا البعض يحتاج إلى توافق وطني، وإلى إعادة صياغة جديدة لتلك المبادرات، بحيث توافق الظروف الراهنة ومقتضيات الواقع الجديد. وحتما لا يمكن التوصل إلى ذلك إلا عبر حوار وطني جديد لا يستثني أحدا.
بحكم علاقاتكم الجيدة مع جميع الأطراف في الداخل.. برأيكم، ما هو حجر الزاوية للسلام في اليمن، وعلى ماذا يمكن أن نراهن في إنجاحه؟
وقف الحرب والاتفاق على تحقيق السلام عبر حوار وطني لا يستثني أحدا، والقبول بالآخر، وتقديم تنازلات من جميع الأطراف حتى لو كانت مؤلمة.
على قاعدة ”الاصطفاء العرقي“ لدى الحوثيين و“استقلال الجنوب“ عند المجلس الانتقالي و“المرجعيات الثلاث“ للحكومة الشرعية، كيف يمكن لأي عملية حوار قادمة أن تنجح؟
سبق وأجبت على هذا، ولا بأس من تكرار أن الحوار وحده وجلوس كل الأطراف على طاولة حوار واحدة، وحده يمكن أن ينجح مثل هذا الحوار، مع عدم نسيان إرادة دولية وإقليمية ترعى وتدعم أي حل ينتج عن مثل هذا الحوار.
ما هي المقاربة السياسية الجديرة بإقناع جماعة الحوثي مثلا للتنازل عن مكاسب انقلابها على الدولة؟
عبر الاقتناع بأنه لا يمكن لأي جماعة بعينها أن تنفرد بحكم اليمن، وأن هناك مساحة سياسية واسعة على قاعدة الانتماء الوطني، لكل اليمنيين بدون استثناء، لشراكة وطنية حقيقية دون اصطفاء في حكم اليمن، في ظل دولة ديمقراطية اتحادية فيدرالية يختارها الشعب ولا تُفرض عليه لا بانقلاب أو بحرب أو بغلبة وقوة واقعة من أي طرف كان.
في خضم تبدّل السياسات الأمريكية ما بين إدارة جمهورية وأخرى ديمقراطية، إلى أي مدى سيتأثر اليمن في عهد بايدن، برأيكم؟
مهما تبدلت الإدارات الأمريكية لكن تظل السياسة الأمريكية قائمة على قواعد ثابتة لا تتغير بتغير الإدارات، وهي تحقيق المصالح الأمريكية. قد تنكمش وتتراجع في بعض الظروف والأماكن بحسب ما تواجهه من مقاومة، لكنها تظل موجودة في عناصرها الرئيسة مهما تبدل الرؤساء.
هل ترون أنه بإمكان الشرعية السيطرة على مناطق نفوذها وإصلاح التشققات في جبهتها الداخلية؟
السؤال هو، هل هي شرعية واحدة ولها هدف واحد؟ أشك في ذلك. لقد حدثت تشققات في الشرعية، ولكل شق هدف معين ومن الصعب إصلاح هذه التشققات.
من وجهة نظر الرئيس علي ناصر محمد، ما هو جوهر المشكلة والصراع في جنوب اليمن وسط كل هذا التمزق والتجاذب؟
من وجهة نظري هناك قضية جنوبية عادلة في الجنوب لا يمكن حلها بمعزل عن حل الأزمة اليمنية. ما عدا ذلك هي تفرعات وتفصيلات.. هذا باختصار.
هل تعتقدون أن ما يحصل في الجنوب اليوم يستدعي القلق من تكرار سيناريوهات الماضي؟
أعتقد أن الجنوبيين قد استوعبوا الدرس ولا يمكن أن يعيدوا تكرار سيناريوهات الماضي التي عانوا منها ولا يزالون، هذا منتهى الغباء.. الجنوبيون ليسوا أغبياء إطلاقا. ولكن هناك من يريد أن يحبس الجنوبيين في هذا المربع لتحقيق غاياته ويغذي ويستدعي صراعات الماضي حتى لا يتفقوا ويتحدوا على رؤية ومرجعية واحدة، والدخول كطرف واحد في استحقاقات الحل السياسي المرحلي أو النهائي للأزمة اليمنية.
خلال الفترة الماضية، دعا المجلس الانتقالي الجنوبي إلى حوار جنوبي في الخارج، وهناك أصوات رافضة.. إلى أي مدى قد تنجح مثل هذه الدعوات في لملمة تفكك المكونات الجنوبية؟
من حيث المبدأ نحن مع أي حوار. ومن وجهة نظري ما يحدث في الداخل الجنوبي هو الأهم بقدر ما يستطيع الجنوبيون بكافة مكوناتهم الاتفاق على العيش المشترك وأن الوطن يتسع للجميع، ولا يستقوي طرف ما على الآخرين وقبول الكل بالكل والعمل على حل قضايا ومشاكل الناس – وهي ليست قليلة – بقدر ما يسهل ذلك إنجاح أي حوار يُدعى له في الخارج. وسبق وأن دعينا للحوار أكثر من مرة وتوجنا هذا الحوار بمؤتمر القاهرة ومخرجاته.
ما هي المحددات الموضوعية والشكلية المفترضة قبل الدعوة إلى أي حوار، خاصة في جنوب اليمن؟
الحوار بحد ذاته عامل إيجابي وحضاري يجب التشجيع عليه والتمسك به مهما طال أو رفضه البعض. الحوار أفضل بكل تأكيد من اللجوء إلى لغة السلاح أو فرض لون واحد على الحياة السياسية، وأهم محدد لأي حوار أن يكون بدون شروط، وأن يعامل الكل على قدم المساواة، وألّا يكون لمجرد رفع العتب.
ليقل لنا الرئيس علي ناصر بصراحة وانطلاقا من خبرته السياسية، إلى أين يتجه الجنوب؟
بل السؤال هو إلى أين يتجه اليمن؟ حينها ستعرف إلى أين يتجه الجنوب.!
ونحن نتابع ما يجري في عدن والمحافظات، وما يجري هو شيء خطير يهدد الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي؛ ولهذا فإننا نؤكد على الاحتكام إلى لغة الحوار وليس السلاح في بلد مزقته الحروب والصراعات.. ونؤكد: نعم للسلام.. ولا للحرب.
أخيرا، هل سنسمع قريبا عن دور للرئيس علي ناصر محمد لتقريب الأطراف أو على الأقل مبادرة للحل في اليمن؟
أنا على علاقة مع كل الأطراف وعلى مسافة واحدة من الجميع، وولائي للوطن والشعب، وأشجعهم على الحوار ووقف الحرب وتحقيق السلام في اليمن، كل اليمن. وقدمت العديد من المبادرات خلال مراحل مختلفة من الحرب لكن كما يبدو أن تجار الحروب والقوى المستفيدة من استمرارها لا يريدون إنهائها.. أنا على استعداد لعمل أي شيء لتقريب وجهات النظر بين كل الأطراف من أجل وقف نزيف الدم اليمني ووقف إهدار مقدرات الشعب اليمني في الشمال والجنوب.