في كل عمل أقدمت عليه إيران في المنطقة عبر أذرعها ومليشياتها تكمن أهداف وغايات كثيرة.
ليست مصادفة بحتة تلك الأعمال الإرهابية الأخيرة، التي استهدفت منشآت مدنية في السعودية والإمارات، فتلك الجرائم نتاج تهديدات قديمة تكررت على لسان قادة إيرانيين، تهديدات تصب في استهداف نفط المنطقة إذا ما أقدم الأمريكيون على تعطيل تصدير النفط الإيراني.
تلك التهديدات زادت في حقبة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”، إذ تم تنفيذ حزمة منها أوجعت الإيرانيين، وأوصلت تصديرهم النفطي إلى درجة صفر باستثناء القليل منه.
“إذا تم منع تصدير النفط الإيراني فلن نجعل نفط المنطقة يمر إلى التصدير بسلام”.. قالها الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، في لقاء له مع الجالية الإيرانية في سويسرا 2019، وكررها قادة الحرس الثوري الإيراني، خصوصا قاسم سليماني، ونفذها تباعا عبر سلسلة استهدافات لنفط الخليج العربي.
فالعقوبات الأمريكية، التي فُرضت على إيران، أحدثت أضرارا في اقتصادها جعلته يعود للوراء بسرعة البرق، عبر نسب تضخم فلكية، وأزمات معيشة خلقت العديد من الوقفات الاحتجاجية، آخرها وقفات العاملين في قطاع التدريس، لذا لجأت إيران -عبر مليشياها المنتشرة ببعض دول المنطقة- إلى تنفيذ تهديداتها السابقة بشأن نفط المنطقة.
من هنا يأتي الاعتداء الإرهابي الحوثي الأخير ضد منشآت مدنية على أرض الإمارات.
ولعلنا نتذكر في هذا الإطار ما جرى عام 2019 حين وقعت اعتداءات على شركة أرامكو السعودية.. ووقتها أشاد قاسم سليماني بالعملية واعتبر المليشيات الحوثية جزءا أساسيا من الحرس الثوري الإيراني.
تلك الإشارة أثبتت للجميع العلاقة الوثيقة، التي تربط هذه المليشيا الإرهابية بالمخطط الإيراني الهدام في المنطقة.. فيما استمر استهداف ناقلات النفط، التي تمر في الخليج العربي، وهنا نتذكر الهجوم على أربع سفن، ناقلتان سعوديتان وثالثة نرويجية ورابعة إماراتية.
كلها استهدافات تأتي ترجمة فعلية لتهديدات سابقة بضرب المصالح النفطية الخليجية، وإذا أضفنا إليها التهديد المستمر بإغلاق مضيق هرمز يمكن لنا التأكد من الهدف الإيراني الأكبر.
سياسة إيران العدائية في المنطقة قديمة جدا تجاه كل ما هو عربي، وليس بعيدا عن كل هذا اختطاف الحوثي الإرهابي -والتي تبنّت غالبية الهجمات المذكورة سابقا- السفينة “روابي”، التي كانت ترفع علم الإمارات.
المعادلة التي تحكم ردة الفعل الخليجي تقوم على أساس العقلانية السياسية في مواجهة “الهمجية” الإيرانية، فدول الخليج تتصرف كدول راسخة وراشدة، فيما تنتهج إيران المراوغة والضغط لتحقيق مصالح بطرق غير مشروعة، كسعيها الدائم مثلا للتدخل في شؤون دول المنطقة، رافعة شعار “كم ستعطيني لأتنازل من أجلك؟!”.
هذه القاعدة لا يلجأ إليها إلا القراصنة في عمليات خطف الرهائن، ولعل اختطافها وصل إلى مرحلة اختطاف دول عبر التحكم في قراراتها عن طريق مليشيات موالية لها.
إدارة الصراع عموما لا بد أن تكون معتمدة على التكافؤ، وفي الحالة الإيرانية إما أن يتراجع النظام الإيراني عن ممارساته -وهذا في ظني مستحيل- وإما يتم التعامل معه بمنطق القوة طبقا لما تقتضيه قواعد القانون الدولي.
