ما علاقة “ثورة الجدران” في صنعاء بهجمات الحوثي على السعودية؟
لجأت مليشيات الحوثي، للهجمات الإرهابية على السعودية في مسعى لجذب الأنظار بعيدا عن الانتفاضة الشعبية الصامتة باليمن.
وحاولت مليشيات الحوثي بدعم إيراني، وعبر سلسلة الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة على السعودية، الهروب إلى الأمام، وإثارة ضجيج إعلامي للتعتيم على عجزها وفشلها في مواجهة الغضب الشعبي وردة الفعل المناهضة للأزمات المعيشية في المناطق التي تسيطر عليها.
وأعلن التحالف العربي، يوم الأحد، اعتراض سلسلة هجمات نفذتها مليشيات الحوثي بصواريخ كروز الإيرانية ونحو 9 طائرات مسيرة أطلقت لاستهداف منشآت سعودية مدنية من بينها منشأة أرامكو النفطية في جازان.
وداخليا، تزامنت هذه الهجمات الإرهابية مع حالة ذعر واستنفار غير مسبوق يعيشها الانقلابيون الحوثيون إثر تنامي ما يسمى “ثورة الجدران” المناهضة لهم في كبرى المدن شمالا وغربا، ما أفصحت عنه المليشيات صراحة عبر قياداتها للمرة الأولى.
وتشهد محافظات اليمن الشمالية، حالة من الاحتقان الشديد والتذمر الذي خرج إلى العلن من الفساد والقمع والممارسات الإجرامية والتجويع بحق السكان من قبل المليشيات الحوثية، حيث ظهرت دعوات إلى تحرك شعبي وثورة لاقتلاع المليشيات من الداخل.
وفوجئت المليشيات الحوثية بكتابات على الجدران في صنعاء ومحافظات أخرى تدعوها إلى الرحيل وشعارات تهاجم إيران ودورها في اليمن، إضافة إلى حالة من الغليان في طوابير انتظار الحصول على الوقود إزاء الأزمة الخانقة التي تعيشها مناطق سيطرة الانقلابيين.
وتصادر مليشيات الحوثي شحنات الوقود المخصصة للسوق المحلي، لتنشيط السوق السوداء الذي تسيطر عليه قيادات حوثية، في حين تخصص نسبة قليلة للسوق الرسمي، لتتسابق عليها طوابير عديدة من المركبات في صنعاء وبقية المحافظات.
شرارة تمرد داخلي
وشهدت صنعاء بالتزامن مع الهجمات الحوثية الواسعة باتجاه السعودية، اجتماعات لقيادات حوثية أمنية ومخابراتية وعسكرية، وتواصل وتنسيق مع مشرفي الأحياء السكنية والشخصيات الاجتماعية في المناطق القبلية بهدف احتواء ما اعتبرتها المليشيات “مؤامرة من الداخل”.
وقال مصدر محلي في العاصمة صنعاء” إن مليشيات الحوثي شكلت ما يشبه غرفة العمليات مع مشرفي الأحياء السكنية ومندوبي الحارات للرصد والتبليغ عن أي تحركات للمواطنين وفرضت حماية أمنية على مداخل الأحياء بما فيه نصب حواجز تفتيش.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن قيادات أمنية وعسكرية حوثية نفذت زيارات إلى الأحياء السكنية في صنعاء وأطلقت وعودا بتوفير البنزين والغاز والسيطرة على حركة أسعار السلع في محاولة من المليشيات لتطمين السكان واستمالتهم إلى صفها.
وأكد المصدر أن هذه هي المرة الأولى منذ بداية الانقلاب الحوثي، التي تزور فيه قيادات حوثية الأحياء وتخاطب المواطنين بهدوء وتودد غير معهود من قيادات المليشيات في تخاطبها مع الناس على مدى 8 أعوام مضت.
وأشار إلى أن المليشيات تحدثت عن مخطط لتفجير الوضع من الداخل وطالبت الأهالي بعدم الانقياد خلف أي دعوات للفوضى، حسب حديث قيادات المليشيات، وهو ما يؤكد حالة الرعب الذي تعيشه قيادات الحوثي في صنعاء من تنامي النقمة الشعبية ضد المليشيات وخروج الوضع عن سيطرتها .
يأتي هذا عقب ظهور رئيس مجلس الحكم لمليشيات الحوثي المدعو مهدي المشاط بشكل مرتبك يوزع تهديداته للعالم أجمع، متوعدا بريطانيا وأمريكا ويتحدث بلغة سوقية كشفت عن حالته النفسية المأزومة وهو يخاطب أعضاء ما يسمى المجلس السياسي للانقلاب.
وأقر المشاط بما سماه “جبهة الحرب المتقدمة لتأمين الجبهة الداخلية” في إشارة صريحة للمخاوف والرعب الكبير التي تعيشه المليشيات الحوثية من ثورة داخلية على خلفية التجويع والأزمات التي تصنعها في مناطق سيطرتها ويدفع ثمنها السكان.
كما أقر القيادي الحوثي بأن المخاوف لا تقتصر على صنعاء بل تمتد إلى كل المحافظات وأن الأمن والاستقرار في مناطق المليشيات مهدد مالم يتم السيطرة عليه.
الهروب للأمام
وتحاول مليشيات الحوثي تصدير أزمتها الداخلية التي تعيشها بفعل مخاوف الانتفاضة الشعبية، أو بداية تشكل وعي ثوري ضد حكمها الانقلابي، وذلك من خلال اختلاق تصعيد جديد ضد المملكة العربية السعودية تحت مبرر زائف وهو الرد على من تسبب بأزمة الوقود.
وبحسب الناشط والإعلامي اليمني أحمد النظاري، فإن مليشيات الحوثي تتخذ سياسة الهروب إلى الأمام كتكتيك في التعاطي مع ملفات عديدة منها اختلاق خصوم وهميين لأزمات تصنعها بنفسها.
ووفقا للنظاري، فإن مليشيات الحوثي تتخذ من سياسة الهروب للأمام للتنصل من مسؤوليتها عن هذه الأزمات وتبرير أي إجراءات قمعية لاحقة، وهذا ما حصل بإعلان وزارة داخلية الانقلاب غير المعترف بها ومخابراتها، إحباط مخطط لتفجير سيارات مفخخة وعرضت أدلة لا يمكن البناء عليها لكونها مختلقة وغير منطقية.
وأوضح الناشط النظاري “أن المليشيات تخشى من تأثيرات الأزمة العالمية بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، حيث قفزت أسعار السلع إلى مستويات غير مسبوقة في وقت يعيش موظفو الدولة وغالبية السكان وضعا اقتصاديا صعبا بعد أن نهبت المليشيات إيرادات مؤسسات الدولة وقطعت المرتبات منذ 6 أعوام.
وأشار إلى أن المليشيات ترفع شعارات عريضة عن هجماتها بالصواريخ الباليستية والطيران المسير مفادها أن هذه الهجمات تهدف إلى التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية في مناطق سيطرتها على اعتبار أن التحالف هو من يصنع الأزمة بينما يعلم سكان شمال اليمن أن القادة الحوثيين هم من يقفون خلف الأزمة، ومن ينهب المرتبات ويسرق قوت الجياع مهما رفعت من شعارات كاذبة.