المخيمات الصيفية في اليمن.. استراتيجية الحوثيين لحشد الأتباع واستقطاب الأطفال والزج بهم في محارق الموت
دشنت مليشيا الحوثي الانقلابية، خلال الأيام الماضية، المخيمات الصيفية، مستهدفة ألاف الطلاب في المحافظات الواقعة في نطاق سيطرتها.
وتشكل المخيمات الصيفية جزءً من استراتيجية الحوثيين الرامية إلى كسب الدعم لأيدولوجيتهم، وتشجيع الناس على الانضمام للقتال في صفوفهم. وفق ما ذكره تقرير فريق الخبراء المعني باليمن المقدم إلى مجلس الأمن مطلع العام الجاري.
ويأتي تدشين مليشيا الحوثي، للمخيمات الصيفية، التي تعدها موسما سنويا لتجنيد الأطفال، بعد أقل من شهر على توقيعها خطة عمل اقترحتها الأمم المتحدة لإنهاء ومنع تجنيد أو استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة. حيث أعلنت في التاسع من الشهر الماضي فيرجينيا غامبا، المسؤولة العليا في الأمم المتحدة المعنية بالأطفال في مناطق الحرب، توقيع الحوثيين على الخطة. وإذ وصفت ذلك بأنها خطوة إيجابية ومشجعة. استدركت بالقول: إن “أصعب جزء من الرحلة يبدأ الآن”. وشددت أيضا على وجوب “تنفيذ خطة العمل بالكامل وأن تؤدي إلى إجراءات ملموسة لتحسين حماية الأطفال”
وتقول الأمم المتحدة، إنها تحققت من تجنيد ما يقرب من 3500 طفل. كما قُتل أو شُوِّه أكثر من 10200 طفل، دون معرفة عدد المقاتلين المحتملين من هؤلاء الذين قُتلوا أو شُوهوا. وفق ما أوردته صحيفة “الشرق الأوسط”.
كما دشنت مليشيا الحوثي، معسكراتها الصيفية التي تستهدف أطفال المدارس من سن السادسة وحتى السادسة عشرة، تحت شعار “علم وجهاد”، في مسعى منها لتكريس الطائفية وحشد الأطفال واليافعين للقتال.
كما طالبت، المليشيا هذا الموسم، الآباء بالمشاركة في دورات مخصصة لهم في المعسكرات الصيفية، حتى يمكنهم المساعدة في عملية التعبئة الفكرية الهادفة إلى غسل أدمغة الأطفال بأفكار متطرفة والتحريض الطائفي والمذهبي.
وقال زعيم الميليشيا عبد الملك الحوثي في خطاب له خلال افتتاح المعسكرات الصيفية، في العاشر من الشهر الجاري، إن “الآباء بحاجة إلى الدورات الصيفية لأن التحديات التي يعيشها الجيل الناشئ تحتاج إلى العلم والوعي والبصيرة”.
وأضاف الحوثي، أن “ميزة هذا النشاط التعليمي: أنه يأتي في إطار التوجه التحرري العملي الشامل لشعبنا العزيز. الذي هو بالاستناد إلى نور الله، وهدايته، وتوفيقه، وكتابه المبارك، وانطلاقاً من هويته الإيمانية، وانتمائه الإيماني”.
وبحسب ما يسمى بـ “اللجنة العليا للدورات الصيفية” الحوثية، فإن برامج الدورات الصيفية الحوثية تهدف إلى “الاستجابة لتوجيهات عبدالملك الحوثي، باستمرار الأنشطة التعليمية. وكذا الأنشطة المصاحبة لها لإكساب الطلاب والطالبات المزيد من المعارف الصحيحة والعلوم الثقافية المرتبطة بالقرآن الكريم وعلومه، وضمان رعايتهم وتدريبهم على مدار العام”.
وصاحب عمليات التدشين، تحركات حوثية واسعة على مستوى المشرفين وعقال الحارات ومسؤولي المساجد وشيوخ القبائل، لمطالبة الأسر إلحاق أبنائها بهذه المعسكرات.
كما تبنت مليشيا الحوثي، حملة إعلامية تشارك فيها ست قنوات فضائية وأكثر من ثلاثين إذاعة محلية إلى جانب اللوحات الدعائية الضخمة التي نُصبت في شوارع المدن والملصقات التي وزعت على الجدران في كل الأحياء.
ونقلت “الشرق الأوسط” عن سكان في صنعاء قولهم: إن مقتل الكثير من الأطفال خلال الفترات الماضية واختفاء آخرين ممن استقطبوا في المساجد وأُلحقوا بالدورات الطائفية السرّية التي تنظمها ميليشيات الحوثي جعل أغلبية الأسر ترفض إرسال أبنائها إلى هذه المعسكرات، التي كانت قبل الانقلاب أماكن للترفيه والأنشطة الفنية والتطوعية وتحولت اليوم إلى معسكرات للتدريب على القتال والتحريض الطائفي والتكفير. ولهذا لجأت ميلشيا الحوثي إلى مسؤولي الأحياء في المدن والقائمين على المساجد وضمّت إليهم شيوخ القبائل ومسؤولي القرى بهدف إرغام الناس على إلحاق أطفالهم بهذه المعسكرات.
وأفادت أسرتان في صنعاء، إن اثنين من أبنائها ذهبوا العام الماضي مع زملائهم إلى أحد المعسكرات في المدرسة المجاورة لكنهم فوجئوا بالتعبئة الطائفية والتحريض على القتال ووصف كل من يعارض الميليشيا بالنفاق. لهذا قررت إخراجهم.
كما اتخذت أسرا أخرى نفس الخطوة، ورفضت السماح لأطفالها بالذهاب إلى المعسكرات الصيفية هذا العام أيضاً.
وقال رب أسرة في ذمار، إن الكتب والملازم التي يتم توزيعها في المراكز الصيفية تحوي دروساً طائفية عنصرية. وتحرض على الكراهية والعنف. كما تقدم خلالها أفلام وثائقية تم إعدادها بواسطة خبراء من «حزب الله» اللبناني لمقاتلين أطفال من ميليشيا الحوثي لقوا مصرعهم في السابق بهدف تمجيد العنف وحث الصغار على تقليدهم.
كما يأتي هذا التوجه الحوثي لحشد واستقطاب المقاتلين من صفوف أطفال المدارس، بعد نحو أسبوع على موافقة الفريق العامل التابع لمجلس الأمن المعنيّ بالأطفال والنزاع المسلح، على توجيه رسائل إلى جميع أطراف النزاع المسلح في اليمن. وعلى وجه الخصوص الجماعات المسلحة من غير الدول، مثل الحوثيين وكذلك تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية. أدان فيها بشدة جميع الانتهاكات والتجاوزات التي لا تزال تُرتكب بحق الأطفال في اليمن.
وطالب الفريق، بالإنهاء الفوري ومنع جميع الانتهاكات والانتهاكات ضد الأطفال، بما في ذلك قتل الأطفال وتشويههم، وتجنيد الأطفال واستخدامهم. والاعتداء على المدارس والمستشفيات، والاختطاف، ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
كما أدان الفريق بشدة، تجنيد واستخدام الأطفال من أطراف النزاع، والذين تم تجنيد غالبيتهم واستخدامهم من الحوثيين. مشيراً إلى أن نحو ثلثي الأطفال تم تجنيدهم واستخدامهم في القتال الفعلي، بينما تم استخدام ما يقرب من ثلث الأطفال في أدوار أخرى تشمل حراسة نقاط التفتيش العسكرية وزرع أو إزالة الألغام الأرضية.
كما أوضح الفريق، أن تجنيد الأطفال واستخدامهم مرتبط في كثير من الأحيان بانتهاكات أخرى من الانتهاكات الجسيمة. وحث بشدة جميع القوات والجماعات المسلحة على الإفراج الفوري ودون شروط مسبقة عن جميع الأطفال.
وفي مدينة صنعاء وحدها، افتتحت مليشيا الحوثي، أكثر من 593 دورة ومدرسة صيفية موزعة على المديريات العشر، تحت شعار “علم وجهاد”. وفق ما ذكرته وكالة (سبأ) بنسختها الحوثية.
ونقلت الوكالة الحوثية، عن القائمين على الدورات الصيفية، تأكيدهم، أن أعداد الطلاب المشاركين في المعسكرات الصيفية في مدينة صنعاء تجاوز 18 ألفاً و500 طالب وطالبة خلال الأسبوع الأول من افتتاحها. في حين بلغ عدد العاملين فيها أكثر من ألف و802 عامل وعاملة.
وكان تقرير فريق الخبراء الأممي، الصادر في يناير الفائت قد كشف عن مقتل 2000 طفل جندتهم مليشيا الحوثي في أقل من سنتين.
وقال التقرير الذي قدم لمجلس الأمن في 25 يناير الماضي، إن الحوثيين مازالوا يقيمون معسكرات ويعقدون دورات لتشجيع الشباب والأطفال على القتال.
كما كشف التقرير، عن جرائم جسيمة ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق الأطفال منها الاغتصاب خلال الدورات الطائفية.
وأوضح، أن “الحوثيين يواصلون حملتهم الممنهجة لضمان التزام السكان بأيدولوجيتهم وتأمين الدعم المحلي للنزاع. وفي هذا الإطار يستهدفون على وجه التحديد الفئات الضعيفة”.
وأضاف: أن “تشكل المخيمات الصيفية والدورات الثقافية التي تستهدف الأطفال والبالغين جزءً من استراتيجية الحوثيين الرامية إلى كسب الدعم لأيدولوجيتهم، وتشجيع الناس على الانضمام للقتال وتحفيز القوات. في حين أن بعض البالغين ينضمون إلى هذه الدورات الثقافية لانهم يتفقون مع تلك الأيديولوجيا. فإن آخرين يشاركون فيها حتى لا يخسروا استحقاقات العمل أو المساعدات الإنسانية لعدم مشاركتهم فيها”.