المدرسة المظفرية في اليمن.. صرح علمي عمره 8 قرون “صور”
في القرن السادس للهجرة، شيد أعظم ملوك الدولة الرسولية باليمن مدرسة تعليمية حُشِد لها كل العلماء لتكون أكبر صرح علمي في البلاد.
وحملت المدرسة لقب مؤسسها “المظفر”، أو الملك يوسف بن عمر الرسولي، أحد حكام دولة بني رسول التي اتخذت من تعز عاصمة لها ووحدت اليمن شمالا وجنوبا خلال (626 – 858) هجرياً.
واتخذت المدرسة التي كانت تضم مكتبة إسلامية وعلمية كبيرة، مقرا للحكم وإدارة شؤون الدولة قبل أن يبنى عليها جامعا ضخما يحتفظ بعبقريته المعمارية حتى اليوم.
وتعرضت المدرسة التي كانت من أهم المدارس في الوطن العربي لحرب طائفية شعواء من قبل الأئمة الذين حكموا اليمن منذ القرن الـ11 هجريا، حيث عمدوا لتحويلها إلى حظيرة للخيول والحيوانات قبل أن يتم إحراقها ومكتبتها وردم أبوابها ودفنها.
ورغم بقاء الجامع شاخصا بمحرابه وقبابه ومئذنته، إلا أن المدرسة ظلت تحت التراب لعقود، لتكتشف مجددا قبل بضعة سنوات عقب أعمال تنقيب للبحث عن قبور ملوك الدولة الرسولية.
وتعكف حاليا وزارة الأوقاف والإرشاد وهيئة الآثار والمتاحف اليمنية على إعادة ترميمها، فيما قال باحث في التاريخ لـ”العين الإخبارية”، إن هناك أجزاء أخرى مدفونة وبعض الغرف خلف جدران لم تفتح بعد.
وبحسب المؤرخ اليمني حبيب محمد الذي وثق صورا حديثة للطوابق السفلية للمدرسة، فإنها كانت من أهم المدارس أو الجامعات في الوطن العربي ويأتي إليها العلماء والطلاب من جميع أنحاء العالم.
وأشار إلى أن المدرسة اكتشفت مؤخرا وتم ترميم الكثير من أجزائها من قبل الأوقاف والآثار لكن لازال بعض أركانها خلف جدران لم تفتح بعد في الجامع الذي يعود بناؤه لعهد الدولة الرسولية وتحديدا سنة 647 هجرية.
من جهته، أكد مدير مكتب وزارة الأوقاف والإرشاد في تعز، خالد القاضي، أن المنارة الوحيدة لجامع المظفر سقطت عام 1962، لدى قيام الإمام أحمد أبان حكم الدولة المتوكلية الزيدية، بردم المدرسة وبواباتها.
وأوضح أنه “عند اكتشاف المدرسة قبل سنوات وجدنا أثار روث للحيوانات وهو دليل على استخدامها في فترة من الفترة كحظيرة وإسطبلات للخيول والحيوانات”.
وأضاف: “لدينا حاليا دراسات قائمة بين مكتب الأوقاف ومكتب الآثار لإعادة تأهيل المدرسة لتعود إلى دورها كصرح علمي وهناك أفكار بتحويلها إلى مكتبة علمية عامة”.
ودعا المسؤول اليمني الجهات الدولية المعنية بالتراث والآثار إلى مساعدة الحكومة اليمنية للاهتمام بهذا المعلم الأثري إذ بات متصدع الأركان، وذلك حتى تعود هذه المدرسة إلى مجد نشاطها.
وإلى جانب المدرسة المظفرية، شيد الرسوليون الكثير من المدارس في تعز، عاصمة نظام حكمهم طويل الأمد، والذي تميز بكثير من الإنجازات في ميدان العلوم والتجارة والزراعة والطب، لتتبوأ المدينة موقعا مهما في الوطن العربي خلال القرن الـ6 وحتى القرن الـ8 للهجرة.