“الشرعية” والمراهنات الخائبة.!
لنعترف.. حكومة “الشرعية”، في وضعها وأدائها الحالي.. سلبية تماما فيما يتعلق بمهمتها الجوهرية، المتمثلة بإسقاط الانقلاب، وإنقاذ الشعب من ربقة الجماعة الحوثية، ونظامها الكهنوتي الجاثم بثقله على كاهل اليمن.
تشكيل “مجلس القيادة الرئاسي” هو قبل وبعد كل شيء، كان اعترافا عمليا بفشل الحكومة السابقة للشرعية، بكيانها وأدائها وأدواتها السياسية والعسكرية والإعلامية.. طوال سبع سنوات سابقة.. في هذه المهمة. وبالتالي. تم وضع هذه المهمة على عاتق “مجلس القيادة الرئاسي”.
لكن هذا المجلس، وإن نجح نسبيا في بنيته وتشكيلته، ومن اليوم الأول، وبدون جهد منه، في أشياء تتعلق بإعادة الوحدة الوطنية، وترميم تصدعات الجبهة المقاومة.. لم يفعل شيئا حتى الآن، فيما يتعلق بمواجهة الجماعة الحوثية. بل فشل، بشكل متوقع، خلال الأشهر الماضية من “الهدنة” في الحصول على مكاسب، من خلال “الحوار” مع الجماعة الحوثية، رغم أن سقف مطالبه لا يتجاوز مجرد فتح معابر بين شقي مدينة واحدة.
في الأيام الأولى لتشكيل هذا المجلس، كانت ردود الأفعال الحوثية تنم عن شعورها بالهلع من توحد هذه القوى العسكرية الضاربة القادرة على كسرها وتهديدها بشكل وجودي.
لكن سرعان ما تنفست الصعداء، عندما بادر هذا المجلس إلى القبول بالهدنة والحوار، وهو شيء يخدم فقط الجماعة الحوثية، وتمكنها وتمكينها في اليمن.
المجتمع الدولي المعترف بهذه “الشرعية” يبارك هو الآخر هذه الهدنة العدمية وهذا الحوار العبثي.. في حين تظل القضية اليمنية عالقة، كما لو أنها وصلت إلى طريق مسدود!
والوقت يمر.. والشعب اليمني هنا وهناك يفقد، يوما بعد يوم، وسنة بعد أخرى، الأمل في قدرة الكيانات التي تمثل “الشرعية” في إزاحة تلك الجماعة الأحفوية التي لا تعرف في علاقة السلطة بالناس غير فرض الجبايات والإتاوات الجائرة.. دون أي التزامات ومسئوليات أخلاقية وإنسانية.. تجاههم.!
قد يكون هذا محبطاً، وينضح باليأس والقنوط من إمكانية التحرر والانعتاق من الكارثة الحوثية، لكن الصراحة المرة، أفضل ألف مرة من المراهنات الرومانسية الخائبة التي لا تؤدي إلا إلى تأبيد المشكلة.
جميعنا نحب السلام، ونؤمن بالحوار كأسلوب حضاري في حل الإشكالات بين الفرقاء، لكن بعيدا عن التعويل في تحقيقه على مراهنات خائبة. كالمراهنة على “الحوار”. مع جماعة عقائدية مسلحة لا تؤمن بالحوار، بقدر ما تؤمن بشكل مطلق بأن السلطة حق إلهي لها، وبالسلاح والعنف والجهاد كوسيلة وحيدة للحصول أو للدفاع عن هذا الإرث لسلالتها النبوية المقدسة.!
هذه المراهنة مخيفة، بقدر سذاجتها، ومثلها المراهنة على قيام الشعب اليمني في المناطق الشمالية، لوحده، بالثورة على الجماعة الحوثية، وإسقاط الانقلاب، واستعادة الدولة والنظام الجمهوري.. خلال السنوات القليلة القادمة.!
هذه المراهنة من قبيل “انتظار غودو” الذي لن يأتي.. الناس هناك، وعلى امتداد اليمن، منهكون ومستنزفون وغارقون بكل أشكال الأزمات المعيشية، والهموم اليومية، فضلا عن كونهم ملدوغين من مفردة “الثورة” التي دمرت “البيت اليمني”، وأوصلتهم إلى وضعهم الكابوسي في ظل حكم “آل البيت”!