الحوثي جماعة ارهابيةالرئيسيةانتهاكات المليشياتمحليات

التلويح الحوثي بالحرب يوحي بتعقيدات تواجه المفاوضات

لم تمض سوى أيام قليلة على تحذير مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ من هشاشة الوضع في البلد، حتى انطلقت اتهامات متبادلة وتلويح بعودة الحرب.

ويعكس خطاب التصعيد وجود صعوبات في المفاوضات غير المباشرة بين الفرقاء اليمنيين. وكان غروندبرغ حذر في إحاطته لمجلس الأمن الدولي يوم 18 مايو الجاري من عودة الحرب، وشدد على أن العملية السياسية الشاملة يجب أن تبدأ في أقرب وقت ممكن.

وبرزت على السطح خلال الأيام الماضية تطورات ربما تنبئ بالمزيد من التعقيدات في مسار إنهاء الحرب المستمرة منذ نحو تسع سنوات بين القوات الموالية للحكومة، وقوات الحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات ومدن بينها صنعاء منذ سبتمبر 2014.

وحدثت تلك التطورات عقب تسريبات بأن الحوثيين رفعوا سقف مطالبهم بطرح شروط جديدة تهدد بعودة مفاوضات السلام إلى نقطة الصفر.

والثلاثاء الماضي اتهم عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي جماعة الحوثي بالقيام بتحركات عسكرية عدوانية استعدادا للحرب.

وخلال لقاء مع السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن قال مجلي إن جماعة الحوثي تعمل على “نقل كميات كبيرة من السلاح الثقيل بين الجبهات، وتجند الأطفال في المراكز الصيفية”.

وتابع “كما تعمل بوتيرة عالية على حفر خنادق مموهة وتستحدث مواقع عسكرية ومنصات لإطلاق الصواريخ لشن هجماتها العدوانية في الداخل والخارج، بما في ذلك استهداف ممر الملاحة البحرية”.

واعتبر أن “الحوثي يرى السلام فرصة لتنشيط وترتيب أوضاعه العسكرية، والسلام بالنسبة إليه كلمة عائمة يستخدمها خلافا للمعنى الحقيقي الذي يعرفه المجتمع الدولي”.

وفي اليوم ذاته، اعتبر زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي أن “حالة العدوان (يقصد ممارسات الحكومة والتحالف) لا تزال مستمرة بكل أشكالها، وما تم هو تخفيف للتصعيد في بعض الجوانب لتستمر المؤامرات بأشكال متعددة”.

وهدد الحوثي بتصعيد عسكري ومنع الحكومة المعترف بها دوليا من استئناف تصدير النفط المتوقف منذ ثمانية أشهر، ولوَّح برفض استمرار الوساطة العمانية لإنهاء الحرب ورفض جهود السعودية في مساعيها لـ”لعب دور الوساطة”.

وتصاعدت آمال بين اليمنيين باقتراب تحقيق السلام منذ أن وقَّعت السعودية وإيران بوساطة الصين في 10 مارس الماضي اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية، ما ينهي قطيعة استمرت سبع سنوات بين البلدين.

ومقابل اتهاماته للحوثيين، تحدث مجلي عن أن الحكومة أبدت “مرونة عالية في التعاطي مع قضايا السلام”، لكنه أكد رفض ما سمّاها “أي عروض تُسلم فيها رقاب اليمنيين إلى الحوثي الذي لم يتوقف يوما عن استهداف المدنيين والعسكريين”، على حد قوله.

وأردف أن “اختبار صدق النوايا الإيرانية يجب أن يُترجم على أرض الواقع في سحب خبرائها من اليمن وسحب كافة العناصر المسؤولة عن إقلاق أمن وسكينة اليمن والمنطقة”.

وزاد بأن “مَن يعمل على تصنيع وتطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة التي تستهدف اليمنيين ليست الميليشيات الحوثية العاجزة عن صنع رصاصة بندقية، بل خبراء النظام الإيراني”.

المفاجأة أن الاتهامات والتلويح بعودة الحرب جاءت بعد أحاديث عن استكمال بحث خارطة طريق السلام، بل وتوقعات بالإعلان عن أولى مراحلها منتصف مايو الجاري، وأنها ستبدأ بإعلان هدنة لمدة ستة أشهر وتضم بنودا إنسانية واقتصادية.

كما شمل الحديث تشكيل لجان مراقبة في مناطق التماس، وإعادة فتح مطار صنعاء (شمال) وموانئ الحديدة (غرب) والطرقات، وصرف رواتب الموظفين الحكوميين حسب قوائم ما قبل سبتمبر 2014، إلى جانب الاستكمال المتبادل لإطلاق صراح الأسرى والمحتجزين.

ويرى مراقبون أن اتفاق الرياض وطهران هو الذي أدى إلى تهدئة التوتر في اليمن والاتجاه نحو خطوات لوقف الحرب وحل الأزمة بحوار سياسي، لكن لا أحد يجزم بأن الخلاف والتصعيد الراهن يعني انسدادا في أفق التقارب السعودي – الإيراني.

وأقر الخبير السياسي محمد المحيميد بـ”تعثر” المفاوضات بين السعودية والحوثيين، وقال إنه يوجد تضارب في المعلومات حول السبب.

وأوضح المحيميد أن “معلومات تؤكد إصرار الحوثيين على أن تكون السعودية طرفا في المفاوضات لا وسيطا بين الجماعة والحكومة، إضافة إلى تشدد أطراف في الجماعة ضد الرياض”.

في الوقت نفسه تحدث عن “معلومات عن أن عدم رضا واشنطن عن التقارب السعودي – الإيراني والتهدئة في المنطقة برعاية الصين (منافس إستراتيجي للولايات المتحدة) دفعها إلى عرقلة المفاوضات بين الرياض والحوثيين”، مستشهدا بتلميحات قيادات حوثية بأن سبب تأخر وتعثر المفاوضات حاليا هو ضغوط أميركية.

وأيا كانت أسباب التعثر، رجح المحيميد “التوصل إلى اتفاق بين السعودية والحوثيين، كما جرى في الشأن السوري”.

في المقابل اعتبر الصحافي اليمني علي الفقيه أنه “لا يمكن الحديث عن تعثر راهن في المفاوضات، بل فقط تمر بمرحلة صعبة، فكلما استجاب التحالف والحكومة، شعر الحوثيون بأن لديهم فرصة لوضع مزيد من الشروط”.

وقال الفقيه إن “الحوثيين يطمعون في تحقيق مكاسب أكثر، ما أثر على المفاوضات وربما يتم الذهاب نحو جولة قادمة”.

وتطرق إلى لقاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني بوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان قبل أيام، مرجحا أن “هناك جديدا ربما يطلعهم عليه بشأن سير المفاوضات”، ومتوقعا أن “تتحرك خلال الأيام القادمة”.

ورأى الفقيه في خطاب الحوثي الملوح بالحرب “رسالة مفادها أنه ما زالت لدى الجماعة أوراق هي قادرة على استخدامها ولن تقبل بتسوية دون الحصول على المزيد من المكاسب”.

ولم يبد الفقيه تفاؤلا بمستقبل الحل السياسي، قائلا إنه “سيحدث حل يمكّن الحوثي من اكتساب شرعية واعتراف دولي، وستكون محطة سلام كمقدمة لحرب أخرى بأطراف مختلفة وطابع جديد، حيث ستتراجع الأطراف الإقليمية قليلا وتحضر الأطراف المحلية بشكل أكبر”.

زر الذهاب إلى الأعلى