اخبار الشرعيهالرئيسيةمحلياتمقالات

متى تتوقف “الشرعية” عن ربط حمارها بجانب حمار “الإخوان”؟!

من حق جماعة “حزب الإصلاح”، في اليمن. كفرع لتنظيم شمولي دولي متجاوز للمحلية والمحددات الوطنية.. أن تعادي من تشاء.. لكن ليس من حقها جر اليمن وراء خصوماتها وحساباتها الدولية، ليس فقط لأن هذه الخصومات لا علاقة لها بتاتا بالقضية والمصالح اليمنية، بل الأخطر لأنها تمت وتتم بشكل كارثي على حساب هذه القضية والمصالح الوطنية.
وبالذات خصومتها مع “دولة الإمارات العربية المتحدة”، التي كانت هذه الجماعة أول من دشن تظاهرات ورفع لافتات مؤيدة ومرحبة بتدخلها العسكري، وكعادتها، وبخلاف معظم فصائل المقاومة اليمنية، قاتلت معها بأنانية، كـ”مرتزقة”، ثم. بانتهازية. ولأسباب دولية لا علاقة لها البتة بالقضية اليمنية. قلبت لها ظهر المجن، وأصابت القضية اليمنية في مقتل.!
كانت “المقاومة” حينها، وبعد سنوات من التضحيات الهائلة في الأرواح والعتاد.. في سبيل تحرير الأرض من سيطرة الجماعة الحوثية، قد وصلت إلى “جبهة نهم”، على مشارف العاصمة صنعاء، وكانت “الإمارات” رأس الحربة في تلك الجبهة والمعركة. وفجأة. انبرت “جماعة الإخوان”، وأوقفت المعركة، بحجة: أن الإمارات تحاول احتلال اليمن، وتنتهك سيادته.!
يومها. سلمت الجماعة للحوثي جبهة نهم، ثمّ. وفوقها. معظم مديريات الجوف ومأرب، في مهزلة فادحة على صعيد “الأرض”، تتكرر اليوم، بحذافيرها تقريبا. على صعيد “الاتصالات”، هذه المؤسسة بالغة الأهمية في السلم والحرب، كونها تتحكم بمختلف أشكال التواصل والمعلومات، ويسخرها الحوثي منذ البداية لمراقبة مختلف أنشطة المقاومة والشرعية، فضلا عن عائداتها المالية الهائلة التي يرفد بها الجبهات ضد الشرعية.
بعد سنوات من المطالبات الشعبية بتحرير هذه المؤسسة الحساسة من الجماعة الحوثية، وبالتالي تجريد الحوثي من أهم عناصر دخله وقوته، وفشل حكومات الشرعية المتعاقبة في محاولاتها في هذا الصدد.. تمكنت الحكومة مؤخرا من عقد صفقة مع شركة أجنبية، من شأنها تحرير الاتصالات اليمنية في المناطق المحررة على الأقل.!
وكما هو متوقع. انبرت جماعة الإخوان مجددا، لتوقف هذه الخطوة الاستراتيجية، ليس لأشياء تتعلق بحيثيات الاتفاقية، والمصالح اليمنية فيها، وهي أشياء لم يقم المختصون بالاعتراض عليها. بل لأن “الإمارات”. هي أيضا “رأس الحربة” في هذه المعركة، ضمن جهودها العامة الداعمة لليمن وقطاع الاتصالات، لتحسين مستوى الخدمة، وإيجاد مورد جديد لهذا القطاع، وكسر احتكار الحوثي لمنظومة الاتصالات اليمنية منذ عام 2014.
والحجة هي نفس الحجة: الإمارات تريد احتلال التراب اليمني والعدوان على سيادته، كاسطوانة مشروخة يطلقها الإخوان أمام أي مظهر للمساعدات الإماراتية في اليمن، وهي، مساعدات هائلة في كل المجالات. عسكرية ومدنية: مطارات، موانئ. مدارس، مستشفيات. مدن سكنية، محطات عملاقة بالوقود وبالطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء.. إلخ إلخ، وبالشكل الذي حول المخا على سبيل المثال من خرابة إلى مدينة، خلال فترة قياسية تحولت فيها تعز من مدينة إلى خرابة على يد الإخوان.!
وعموما لو كانت الشركة المعنية تركية أو قطرية، وكانت الاتفاقية بنفس البنود أو أسوأ، لتبنت الجماعة. لأسباب مفهومة. هذا المشروع، ودشنت حملات وفتاوي عنه باعتباره متوافقا مع المصالح اليمنية العليا وروح الإسلام الحنيف، في مقابل أنها خلال الحملة الإعلامية الأخيرة التي دشنتها بخصوص الشركة الإمارتية، قدمتها للرأي العام كما لو أنها شركة “الهند الشرقية” البريطانية بأنشطتها الاستعمارية في جنوب شرق آسيا. في القرن التاسع عشر.!
على صعيد أعلى قامت شلة نيابية من الإخوان ومن يدورون في فلكهم، بصياغة مذكرة شديدة اللهجة، بنفس اللغة، وبهذا الشأن. موجهة إلى هيئة رئاسة “البرلمان اليمني”. قسم الشرعية، وفيها: “إن هذه الاتفاقية هي إعطاء امتياز في “التراب اليمني”، ومعناه أن الدولة قد أضرت بـ”مبدأ السيادة”.!
عن أي تراب يمني وسيادة يمنية يتحدث علي عشال والديمجرافي علي المعمري.؟!
ما الذي ترك الحوثي للشرعية من “الأرض” في الشمال، وما الذي ترك الإخوان لها من السيادة في المناطق المحررة؟!
ثم إن المسألة من اختصاص “البرلمان” لا هيئة رئاسته، والأصل أن ترفع تقارير اللجان إلى البرلمان لا إلى هيئة رئاسته التي بدورها لا يحق لها أن ترسل رسائل أو توصيات إلى الحكومة إلا بناء على قرارات المجلس. وليس لدينا أصلا برلمان. هناك شظية برلمانية محسوبة على “الشرعية”، لا معنى لها: ككيان منقسم ناقص لا يبلغ النصاب، وكشرعية متقادمة مفقودة، وكسلطة عاجزة عن إيجاد مقر آمن لعقد جلساتها على امتداد ما تسمى المناطق المحررة.؟!
لكن. رغم وضوح كل ذلك حتى على صعيد العوام والبسطاء، تعاملت هيئة رئاسة بقايا هذه المؤسسة البرلمانية، وبآلية غير قانونية ولا دستورية. مع هذه المذكرة الهزلية بجدية، وشكلت، وبدون سند قانوني من أي نوع. لجنة تقصي حقائق، ثم أصدرت مذكرة، اعتبرت فيها الاتفاقية مع شركة الاتصال الإمارات “تفريط بالسيادة” ودعت الحكومة إلى إلغاء هذه الصفقة.!
المهم. هي محاولة لإفشال هذه الاتفاقية لصالح المستفيد الوحيد من هذا الإفشال الإخواني وهو. كالعادة. الجماعة الحوثية، هما عموما وجهان لعملة واحدة، وكما خدمتها هذه الجماعة الإخوانية، من قبل عسكريا في نهم والجوف ومأرب، وحتى شبوة. تخدمها اليوم لوجستيا وماليا بضمان بقاء تحكمه بهذه المؤسسة، واستمرار تدفق عائداتها المهولة إلى حساباته، وفي الحالتين على حساب اليمن والإمارات.!
في كل حال. كان يفترض بقيادة وحكومة “الشرعية” والبرلمان فصل خصومة “الإخوان” مع الإمارات عن سياسات الدولة، لأنها خصومة خاصة لا تتعلق بالقضية اليمنية، وتضرها بشكل بالغ، وعدم ربط حمارها بجانب حمار هذه الجماعة المشؤومة التي تقوم، ليس فقط بالتضحية بالمشاريع والمصالح اليمنية العامة، من أجل المشاريع والمصالح الخاصة لجماعتها الدولية، بل تضحي حتى بمصالحها المحلية هي نفسها، والتي لا يمكن إلا أن تكون في الإطار العام للمصالح اليمنية.
..

زر الذهاب إلى الأعلى