من الفوضى إلى القرصنة .. “جدلية الحرب والحياة” تضع اليمنيين في صراع من أجل البقاء
يعيش اليمنيون بين “الحذر والخوف” منذ فوضى 2011م، مرورًا بانقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية الإيرانية في سبتمبر 2014م ، واشعالها حربًا ضد اليمنيين منذ تسع سنوات ، ومع بداية عهد القرصنة البحرية ضد السفن التجارية ، دخل اليمنيون مرحلة الصراع من أجل البقاء.
مزيدًا من المعاناة
ومع بداية مرحلة تبني مليشيات الحوثي شنّ هجماتها ضد إسرائيل بحجة نصرة غزة التي لا طائل منها ، وصولًا إلى شنّ هجمات تستهدف السفن التجارية ، وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب ، دخل اليمنيون عهدًا جديدًا من المعاناة التي يعيشونها منذ 13 عاًمًا.
ومع بداية مرحلة العبث الجديدة لذراع إيران في اليمن بحياتهم ، فقد اليمنيون الأمل بتحقيق أي سلام يعيد لهم الاستقرار والأمن الذي كانوا يعيشونه قبل فوضى 2011م لتنظيم الإخوان ممثلًا بحزب الإصلاح وجماعة الحوثيين ذراع إيران في اليمن ، والتي قادت إلى سقوط الدولة ونهب مؤسساتها ومصادرة حرية وحياة اليمنيين.
تصعيد من نوع آخر
ومع تشكيل الولايات المتحدة لتحالف “حماية الازدهار” لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر من عمليات القرصنة والاستهداف التي تنفّذها إيران عبر ذراعها في اليمن ، دَبَّ الخوف في نفوس اليمنيين البسطاء الذين يصارعون من أجل البقاء.
وتحدثت أوساط يمنية عدة بأن مليشيات الحوثي تقود البلاد من صراع إلى آخر دون رادع ، و دون اهتمام بحياة ملايين اليمنيين الذين باتوا لا يجدون لقمة العيش. فمنذ ظهور الحوثيين على الساحة اليمنية مطلع الألفية الجديدة وهم يحملون الموت والدمار والفناء والبلاء لليمنيين.
وأشارت إلى أن مليشيات ذات الطابع الإيراني ، تنتقل من مرحلة إلى أخرى في قتل اليمنيين ، فمن حروب صعدة الستة ، إلى مشاركتها في فوضى الإخوان في 2011م ، وانقلابها ضد الدولة ومؤسساتها الجمهورية في 2014م ، ودخولها في حروب ضد اليمنيين مستمرة لتسع سنوات تم فيها تدمير كل شيء ، وصلت اليوم إلى مرحلة القرصنة ومهاجمة السفن وخوض حرب من نوع آخر ستزيد الطين بلة عليهم.
لا ترقب للسلام والمرتبات
ويؤكد العديد من اليمنيين ، بأنهم “فقدوا الأمل بالتوصل إلى أي سلام يقود لعودة صرف المرتبات المنهوبة من قبل الحوثيين منذ 2016م ، وكذا عودة الدولة ومؤسساتها وفتح الطرق وتوقف سفك الدماء وعودة والأمن والاستقرار الذي افتقدوه كثيرًا على مدى 13 عامًا”.
فلا ترقب للمرتبات وتحسن الأوضاع المعيشية ، ولا ترقب لتحسن الوضع الاقتصادي، ولا توقع لأي خطوات قادمة نحو السلام ، حيث يتوقع الجميع بدء مرحلة تصعيد جديدة سواءً على الجانب العسكري أو فيما يتعلق بوضع عقبات جديدة أمام الحلول المطروحة ، في وقت لم يعد وضعه كما هو حال نسبة كبيرة من اليمنيين قابلاً لمزيد من تمديد الظروف الصعبة التي يعيشونها ، فضلاً عن إمكانية تطورها على إثر التصعيد الحاصل في البحر الأحمر.
العودة إلى الصفر
ويرى اليمنيون، بأن استغلال مليشيات الحوثي لقضية غزة ، لخدمة مصالح وأهداف ايران في المنطقة ، وما تلتها من تبعات ، وتشكيل تحالف دولي جديد ، أفقدهم الأمل بإعادة حقوقهم المسلوبة من تلك الجماعة التي تعبث بكل شيء باعتبارها مليشيات مسلحة خارجة عن القانون المحلي والدولي.
وتؤكد الأوساط اليمنية ، بأن أقصى ما يتمناه أي يمني اليوم هو تخفيف وطأة المعاناة وتوفير أبسط متطلبات البقاء على قيد الحياة له ولأطفاله ، وتبقى مسألة أن تعود الأوضاع إلى الصفر، بدخول مرحلة تصعيد جديدة ، أمر يصعب التعايش مع تبعاتها المتوقعة.
حالة إرباك وترقب
وعلى مدى الأسابيع الماضية ، ارتفعت حدة التوتر في البحر الأحمر، وألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي ، لكن اليمن التي تقع في قلب الأزمة ، بدأ الناس فيها في حالة من الإرتباك والخوف والترقب ، فيما يحاول الحوثيون إزاحة هذه المخاوف بالظهور بنشوة المنتصر ، الذي استطاع أن ينقل نصرة “الفلسطينيين” من القول إلى الفعل ، إذ أن الجماعة الإيرانية بنظر مؤيديها فعلت ما لم تفعله الدول العربية ، لكن في حقيقة الأمر فتحت جحيماً جديداً على البلاد والعباد ، وأنها قامت بما قامت به في البحر الأحمر لتلبية رغبات إيران أكثر من كونها ثقة بقدرتها على مواجهة التبعات.
تبعات قاتلة
تمثل منطقة باب المندب والشريط الساحلي المطل على البحر الأحمر ، الأهمية الاستراتيجية لموقع اليمن الجغرافي المطل أيضاً على بحر العرب ، ويعتبر ميناء الحديدة المنفذ الأهم الذي تصل إليه الواردات في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والمرتفعة.
وبينما أنعشت الهدنة والتفاهمات التي جرت بين السعودية والحوثيين ، الميناء قليلاً ، يبعث التصعيد غرباً ، المخاوف من أن تعود القيود ، فضلاً عن أي تأثيرات ناتجة عن رفع أسعار التأمين على السفن والشحنات الواصلة إلى الميناء.
هذه المخاوف بدأت تسري في أوساط التجار والمستوردين الذين يؤكد العديد منهم ، أن هذا التصعيد هو العلاج الخاطئ الذي يهدد بمزيد من الأزمة الاقتصادية ليس بسبب ما قد يعيق الحركة في الميناء فحسب ، بل كذلك بسبب أي عقوبات اقتصادية أو قيود قد تُفرض على اليمن.
ويؤكدون بأن “مثل هذه التصعيد يؤثر على بلدان قريبة وبعيدة ولا تمر بحرب طاحنة ، فما بالك باليمن الذي يعاني ولا يحتمل الاستمرار على هذا الوضع. ، فكيف بمزيد من التدهور؟!”.
وضع لا يحتمل المزيد
لا يختلف المهتمون على أن اليمن غير قادر على تحمل أي نوع من العودة إلى الحرب ، بأي شكل من الأشكال ، إذ أن النتيجة ستلقي بظلالها من خلال تفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية واستمرار التدهور الاقتصادي ، في وقت ما يزال يوجد فيه أكثر من ثلاثة ملايين نازح داخلياً ، ولم تتحسن أوضاع مئات الآلاف من الأُسر، التي حُرمت من مصادر دخلها الأساسية بسبب حروب مليشيات الحوثي الإيرانية.
ووفقًا لخبراء اقتصاديين ، فإن الهجمات على السفن في البحر الأحمر ستكون لها تبعات كبيرة على الاقتصاد المحلي والعالمي ، إذ من المتوقع أن ترتفع كلفة الشحن والتامين بنسب قد تصل إلى 30 بالمئة في حال استمرّت الهجمات.
ويرون ، بأن إعلان العشرات من شركات الملاحة الدولية العبور عبر رأس الرجاء الصالح يُمثِّل مؤشراً لهذه التداعيات ، حيث سيؤدي ذلك إلى ارتفاع في الأسعار على المستوى المحلي والدولي.