نيوزويك: تحرك بكين وموسكو لمواجهة النفوذ الغربي في البحر الأحمر
مع استمرار الولايات المتحدة في شن ضربات ضد المتمردين الحوثيين، الذين يستهدفون السفن التجارية قبالة سواحل شبه الجزيرة العربية، دخلت القوات البحرية الصينية والروسية والإيرانية المياه القريبة لإجراء مناورات مشتركة، واستعراض قدرتها العسكرية البحرية.
بدأت التدريبات، التي أطلق عليها اسم “حزام الأمن البحري 2024″، يوم الثلاثاء، في خليج عمان، وتأتي في أعقاب دعوات طهران لإنشاء “حزام أمني بحري” بين أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، التي تقودها بكين وموسكو، في مسعى لمواجهة النفوذ العسكري للولايات المتحدة وحلفائها في البحار.
ويقال إن أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون هم كازاخستان والهند وباكستان كمراقبين للمناورات متعددة الجنسيات، بالإضافة إلى أذربيجان وعُمان وجنوب أفريقيا.
وتشمل السفن المشاركة في التدريبات مدمّرة الصواريخ الموجهة (أورومتشي)، وفرقاطة الصواريخ الموجهة (ليني)، وسفينة الإمداد (دونغبينغهو) التابعة لبحرية جيش التحرير الشعبي الصيني، بالإضافة إلى طراد الصواريخ الموجهة (فرياج) وفرقاطة المارشال (شابوشنيكوف) التابعة للبحرية الروسية.
ومن المقرر أن تقدم القوات البحرية الإيرانية ما يصل إلى 10 سفن ومروحيتين، بما فيها الذراع البحري للحرس الثوري الإسلامي.
وذكر تقرير للموقع الإخباري الرسمي للحرس الثوري الإيراني، أن “الغرض من إجراء هذه المناورة هو تعزيز الأمن وقواعده في المنطقة، وتوسيع التعاون متعدد الأطراف بين الدول المشاركة لإظهار قدرتها على الدعم المشترك للسلام العالمي والأمن البحري، وإنشاء مجموعة بحرية في المستقبل”.
وأضاف تقرير الحرس الثوري الإيراني أن “أهداف هذه التدريبات تشمل تعزيز أمن التجارة البحرية الدولية، ومكافحة القرصنة والإرهاب البحري والمساعدة في اتخاذ تدابير إنسانية؛ مثل تبادل المعلومات لعمليات الإنقاذ البحري، وتبادل الخبرات العملياتية والتكتيكية”.
وتبدأ التدريبات مع استمرار تصاعد التوترات في جميع أنحاء الشرق الأوسط على هامش الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في غزة، مما استدعى تواجدًا عسكريًّا أمريكيًّا مكثفًا في المنطقة.
وفي الوقت الذي تهاجم فيه المليشيات المتحالفة مع إيران القوات الإسرائيلية والأمريكية في عدة جبهات، نقلت جماعة الحوثي (إحدى جماعات “محور المقاومة”) الصراع إلى البحر من خلال استهداف السفن المدنية، التي يقال إنها مرتبطة بإسرائيل في طريق تجارية هي الأكثر أهمية في العالم.
فمنذ شهر نوفمبر من العام الماضي، بعيد شهر واحد من اندلاع الحرب في غزة، نفذت جماعة “أنصار الله” اليمنية، المعروفة أيضًا باسم “الحوثيين”، عشرات العمليات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، مما دفع الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالف مع العديد من الدول الأخرى، والمعروف باسم عملية “حارس الازدهار”، في محاولة لردع هجومهم. غير أنه حتى مع قيام الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتنفيذ ضربات مشتركة على مواقع “أنصار الله” داخل اليمن، استمرت الجماعة ذات النفوذ في تبنّي هجمات جديدة بشكل دائم.
وفي بيان له صدر، يوم الاثنين، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، عن العملية الأخيرة التي شملت إطلاق صواريخ مضادة للسفن على “بينوكيو”، وهي سفينة شحن ترفع علم ليبيريا كانت تعبر البحر الأحمر. وأتى هذا الهجوم بعد يوم واحد من إعلان القيادة المركزية الأمريكية عن آخر الضربات المشتركة، التي وجهتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في اليمن في وقت متأخر من يوم الأحد.
وتعهد سريع بتكثيف الهجمات خلال شهر رمضان المبارك، الذي بدأ يوم الأحد.
أشادت إيران بأفعال “أنصار الله” في البحر الأحمر وخليج عدن، بينما رفضت الأقوال التي تفيد أن لديها نفوذا مباشرا على الجماعة، التي جرى اتهامها على نطاق واسع بتسليحها. وفي الوقت نفسه، أدانت طهران الهجمات التي تقودها الولايات المتحدة على اليمن.
كما انتقدت روسيا ضربات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في اليمن، وحثت على حل دبلوماسي للاضطرابات البحرية. كما حث المسؤولون الصينيون على التهدئة. لا تعترف بكين ولا موسكو ب”أنصار الله” كحكومة شرعية لليمن، بالرغم من سيطرتها على العاصمة لأكثر من تسع سنوات، غير أنهما كثفتا التعاون مع طهران، بما في ذلك في مجال الدفاع.
وشهدت العلاقات بين الدول الثلاث زخما جديدا، في يوليو الماضي، عندما أصبحت إيران عضوًا كامل العضوية في منظمة “شنغهاي” للتعاون.
في بداية هذا العام، عززت إيران علاقاتها مع الصين وروسيا والعديد من القوى الكبرى الأخرى من خلال انضمامها كعضو في تحالف “بريكس”، الذي ضم أيضا المملكة العربية السعودية كعضو جديد، وأتى ذلك في أعقاب اتفاق توسطت فيه بكين لاستعادة العلاقات بين الخصمين الرياض وطهران.
شاركت المملكة العربية السعودية بشكل فاعل في الحرب الأهلية في اليمن، حيث دعمت بشكل مباشر الحكومة الدولية للبلد المجاور في عملياتها ضد “أنصار الله”، إلا أن القتال هدأ منذ وقف إطلاق النار، الذي جرى التوصل إليه قبل عامين تقريبا، بدعم من الأمم المتحدة.
يذكر أن المملكة العربية السعودية لم تنضم إلى تحالف “عملية حارس الازدهار”، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد “أنصار الله”، حيث كانت البحرين هي الدولة العربية الوحيدة التي انضمت إلى هذا التحالف.
بالنسبة لإيران، توفر التدريبات الأخيرة مع الصين وروسيا فرصة للجمهورية الإسلامية لإظهار تنسيقها مع القوى الكبرى، فضلا عن جهودها الخاصة لتطوير قوة بحرية قوية قادرة على ردع التهديدات في الخليج الفارسي وما وراءه.
وفي حفل حضره قائد الجيش الإيراني، اللواء عبد الرحيم موسوي، في مدينة بندر عباس الساحلية الجنوبية، الأسبوع الماضي، احتفت البحرية الإيرانية بتسلم أكثر من 40 سفينة وسلاحا جديدا، بما في ذلك صواريخ كروز وطوربيدات، وأنظمة دفاع جوي وطائرات مسيّرة.
وقبيل أسبوع واحد فقط، أعلن قائد البحرية في «الحرس الثوري» الإيراني، الأدميرال علي رضا تنكسيري، عن انضمام سفينتين جديدتين مسلحتين بصواريخ جديدة.