مقالات

ضد الجهل والتكفير.. مرة أخرى!

 


قرأت مؤخراً ما نسب إلى ما سمي هيئة علماء اليمن، بيان تكفيري (مبطن) لخلق الله وكأنه صدر عن أسامة بن لادن أو البغدادي، ومع اعتراضي، منذ زمن طويل، على تسمية رجال الدين “علماء” لأن العلم في هذا العصر خارج تماماً عن نطاق معرفتهم وخبراتهم (هذا إذا كانوا رجال دين عن حق وليسوا رجال مال وأعمال ومصالح وموائد وزيف ودجل وضحك على ذقون خلق الله)، ومع ترجيح أن البيان يعبر عن شخص واحد يعتقد أنه رجل دين ومخترع وفذ وعظيم في نفس الوقت، أو ربما شخصين أو ثلاثة، إلا أنه -أي البيان- يتحدث باسم هؤلاء، وقرأت أيضاً منشورين لشخصين عجيبين أحدهما في تعز والآخر في تركيا (العلمانية)، أحدهما يسيء لثورة سبتمبر المجيدة والآخر يسيء لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني وللديمقراطية والمواطنة المتساوية والعيش المشترك… الخ، بل يسيء للحياة برمتها، وهو شخص له سوابق في تكفير الناس عبر كتابات وفتاوى داعشية غير مبطنة كانت وراء بعض الاغتيالات، ثم يعود في منشور آخر تكفيري من جديد مستخدماً كلمة حصاد موجهاً قطيعة لحصاد رقاب خلق الله عز وجل (عادة لا أؤمن بنظرية المؤامرة ولكنني بت أشك في أن هذه النوعية من القوم تريد أن تدفع الشباب خارج الإسلام دفعا)!


القاسم المشترك بين كل هؤلاء، بالإضافة إلى الدقون المحناة والعمامات التي ما أنزل الله بها من سلطان هو تكفير الناس أولاً امتداداً للقاعدة وداعش وبناتهما، وهذا ومعروف ومثبت، وهناك قاسم مشترك آخر بينهم، أود أن يعرفه الناس هو أنهم جهلة، نعم جهلة! بل يمثلون مظهراً من مظاهر الجهل بمعناه المعاصر، وإن كانوا يقرأون ويكتبون، نعم الجهل! ماذا أعني؟ هؤلاء جميعا كان حظهم من التعليم الحديث، أي العلم والمعرفة معدوم أو شبه معدوم، وبالتالي هم في ميزان هذا العصر جهلة ومتخلفون، ولا يصح تسميتهم علماء لأن ذلك مناقض لحقيقتهم الجاهلة، بل وتخلفهم المعرفي والحضاري والإنساني، كما أننا نجدهم يهاجمون ثورة سبتمبر ولا يختلفون عن الإمامية الكهنوتية السلالية التي أزاحتها تلك الثورة البديعة!


هناك قاسم مشترك آخر بينهم، وهو أنهم ينتمون إلى تيار سياسي يمني مهم وكبير ومحل احترام، وهو التجمع اليمني للإصلاح، بالتالي هناك عشرة أسئلة موجهة لهذا التيار تم استخراجها مما قاله هؤلاء التكفيريون الجهلاء من أعضائه، وهي كما يلي:


١- هل الإصلاح اليوم ضد مخرجات الحوار الوطني بعد أن كان قد شارك بإيجابية وبقوة في إنتاجها؟


٢- هل الإصلاح اليوم ضد ثورة سبتمبر المجيدة؟


٣- هل الإصلاح اليوم ضد الدولة المدنية الحديثة؟


٤- هل الإصلاح اليوم ضد الديمقراطية؟


٥- هل الإصلاح اليوم ضد المواطنة المتساوية؟


٦- هل الإصلاح اليوم ضد العيش المشترك؟


٧- هل الإصلاح اليوم ضد الحريات العامة التي كفلها مشروع الدستور في اللجنة الدستورية لمؤتمر الحوار الوطني والذي شارك بقوة في إنتاجه؟


٨- هل الإصلاح اليوم ضد الولاء للوطن؟


٩- هل الإصلاح اليوم ضد حكم الشعب؟


١٠- هل الإصلاح اليوم مع تكفير خلق الله؟


لقد كنت، ومازلت، ضد شيطنة الإصلاح أو أي حزب سياسي يمني، كما تتم شيطنة الإخوان المسلمين إقليمياً وعالمياً، ولكن يبدو لي أن الإصلاح نفسه بحاجة إلى أن يكون هو ذاته ضد شيطنة نفسه! وهذه نصيحة صادقة له؟ كيف؟ على الإصلاح إما أن يقبل رسمياً المواقف التي عبر عنها هؤلاء باعتبارها مواقف هذا الحزب اليمني، وبالتالي يلصق صفة الشيطنة على نفسه بنفسه، أو يسكت فنعتبره ضمنياً موافقاً عليها، أو قد حان الوقت أن يلفظ رموز الجهل والجهالة خارجه، هؤلاء الذين يسيئون له ولليمن وللمستقبل، بل وللحاضر أيضاً، وفي نفس الوقت يبدو أن مهمتهم الرئيسة تشويه الإسلام والمسلمين ودفع الشباب خارج الدين!


خالص التحية لكل أصدقائي وزملائي وتلاميذي الإصلاحيين.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى