هادي والإصلاح والانغماس في ألاعيب ومناورات دمرت اليمن
في الاستحقاقات الكبرى يفشل التجمع اليمني للإصلاح دائما!
الإصلاح حزب انغماسي في التكتيكات والمناورات والمراوغات.
اكتسب هذه الخاصية من طول معاشرته لنظام حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، مؤديا دور “حزب الشدة” كما كان يفاخر أبرز قياداته.
بيد أنه، استراتيجيا، “خاسر كبير”؛ في المرحلة الانتقالية فرط بكل الفرص لتأمين انتقال سلس للسلطة ونظام سياسي مستقر يكون فيه “الحزب المسيطر” ولو مؤقتا، واندفع بقوة_ بدلا من ذلك_ لتأمين تحالفه مع الرئيس هادي حد التورط في مشروعات تقسيمية فيدرالية كان هو نفسه أول معارضيها.. (شخصيا استمعت إلى قياديين بارزين في هذا الحزب يلوحون بأوراق خطرة تهدد الوحدة الوطنية نكاية بخصومهم، الخصوم الذين لا يتوروعون عن القيام بالفعل نفسه!).
تنحى صالح من الرئاسة في فبراير 2012 لكن الإصلاح عجز عن التحرر من إرث صالح، وبخاصة دور “حزب الشدة”. كذلك انقلب الاصلاح على حلفائه في المشترك مستقويا بعلاقته بالرئيس الجديد الذي فشل فشلا ذريعا في عامه الرئاسي الأول في استمالة القاعدة الشعبية لحزبه (المؤتمر الشعبي العام).
في مطلع 2014 جرت الصفقة المدمرة لليمن؛ فقد تشبثت احزاب اللقاء المشترك مجتمعة، إصلاح واشتراكي وناصري أساسا، باستمرار هادي في الرئاسة رغم انتهاء مدة رئاسته ك”رئيس انتخابي”؛ أي رئيس جاء لمدة مؤقتة طبقا للدستور اليمني لإنجاز انتخابات رئاسية تأتي برئيس اعتيادي.
حافظت أحزاب المشترك على حصتها في حكومة الشراكة بقيادة الأستاذ محمد سالم باسندوة.
وبالمثل حافظ حزب المؤتمر الشعبي العام (حزب الرئيس السابق صالح) على اغلبيته الساحقة في البرلمان وفي مجلس الشورى.
ضعضعت صفقة “قراصنة” المرحلة الانتقالية مؤسسات الدولة، وسلبت من الشعب اليمني ما يملكه من سلطات.
وقد أدى التمديد للرئيس المؤقت (!) وللبرلمان المعتق إلى تقويض فكرة الدولة بما هي هيئات ممثلة للشعب ومواعيد دستورية وسيادة قانون.
نجح التكتيكيون بامتياز! ،لكن البلد بدأ يترنج مع بداية السنة الرئاسية الجديدة لهادي، ذلك ان أصحاب الصفقة لم يعودوا الى الشعب لتمريرها كما حدث بعد المبادرة الخليجية.
ثم انهم لم يقدموا حيثيات فيها من الوجاهة ما يبرر فعلتهم الشنعاء.
على أن اليمن ليست أحزاب سلطة فقط.
ولئن تخلت الأحزاب جميعا عن وظيفتها السياسية في اليمن قفد تقدمت الجماعات (غير الحزبية) لشغل الفراغ.
وبدءاً من مارس 2014 تنامت قوة الحوثيين (القوة الفتية والطامحة غير الملزمة بتفاهمات المبادرة الخليجية) وفي ظرف نصف عام كان الحوثيون يقبضون على عاصمة الجمهورية.
***
هرب الرئيس المؤقت من صنعاء إلى “العاصمة المؤقتة” عدن. ثم بعد شهر غادر اليمن إلى ما يمكن وصفها “العاصمة المستدامة” له ولرجاله الأذكياء!
تدخل “تحالف دعم الشرعية” أدى إلى دحر الحوثيين (وحليفهم صالح) من عدن ولحج في ظرف 3 شهور تقريبا.
وبالرغم من الكر والفر، والتقدم في بعض الجبهات مثل تعز والساحل الغربي، إلا أن اعتبارات تتعلق بالإقليم أكثر منها باليمنيين عمدت بإذلال اليمنيين وتجويعهم خطوط تماس شبه دائمة بين “الشرعية” و”الحوثيين”.
كذلك بدأ “معسكر الشرعية” يتعفن في “العاصمة المستدامة” وفي جبهات القتال (اللا قتال).
وما هي إلا 4 سنوات حتى سقطت “العاصمة المؤقتة” في قبضة قوة فتية أخرى من خارج “المبادرة” الخليجية.
***
ما هي النغمة المتكررة في الحالتين: سقوط العاصمتين تباعا؟
رئيس مؤقت صار ب”الحوار” وب”الحرب” رئيسا مستداما، و”حزب شدة”!
رئيس وحزب مولعان بالبقاء في السلطة ومنغمسان في ألاعيبها ومناوراتها.
وفي الأثناء تتسارع وتيرة “الملشنة” في كل الجهات.
فالمأزق منذ 2012 هو نفسه: الصف الاول ل”الشرعية” مكتظ بالطارئين والوصوليين واصحاب السوابق، ويخلو من رجال دولة!
ماذا في وسع “الإصلاح” فعله؟
عليه أن يضحي ببعض مكاسبه السياسية في الرياض ومأرب وتعز من أجل مكتسبات وطنية هو أول الرابحين منها.
عليه أن يتفادى تكرار خطيئة المرحلة الانتقالية (2012-2014) عندما كانت القوة التي في يده أكبر بكثير مما يحوز عليه الآن.
عليه التصرف كحزب سياسي يمني لا ك”حزب شدة” لأي رئيس؛ فالرؤساء زائلون والأوطان هي ما يجب أن يبقى.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك