ماذا نريد من قبة الأمم؟
ربما أكبر درسٍ علمنا إياه “كوفيد- 19” هو أن جميع من على هذه الكرة الأرضية مع اختلاف ألوانهم وأجناسهم ومذاهبهم وأعراقهم سواءٌ أمام كائن بهذا الحجم الضيئل.. وهو الذي جاء ليرشدنا نحو طريق تنحينا عنه مطولاً في التعاضد البشري والتكافل ورؤية الحقوق الإنسانية بمنظور متساوٍ لا على أساس تمييزي.
هكذا درس تسعى لتعميق مفاهيمه وكل ما يشبهه من قيم الأمم المتحدة هذه المنظمة الدولية العظيمة في رسالتها ومساعيها في جعل العالم مكانا أفضل للعيش، وجعل الإنسان إنساناً بحق، وتؤكد على ذلك أكثر مع احتفالها بمرور خمسة وسبعين عاماً على إنشائها.
هذه الأزمة الصحية تتلاقى مع الأهداف المستدامة التي تعمل عليها الأمم المتحدة، لتكون هي إحدى أدوات قياس نجاح تحقيق بعض من تلك الأهداف عبر التصدي للتحديات الملحة، بدءاً من أزمة المناخ ووصولاً إلى الأوبئة، وأوجه عدم المساواة، وأشكال العنف الجديدة، والتغيرات السريعة في التكنولوجيا وفي الأوضاع السكانية.
ولكن لماذا هذا الدور المتعاظم تحمله هذه المنظمة تحديداً وما الذي يجعلها قادرة على تحريك حكومات وشعوب العالم بأسره؟! ما هي أدواتها ومصادر قوتها ونفوذها؟ وما الذي حققته من إنجازات لصالح البشرية على مدى الأربعة والسبعين سنةً الماضية؟ ولماذا ستحظى بثقة الناس في الوقت الذي انتزعت فيه الشعوب الثقة من المؤسسات التقليدية في الوقت الراهن؟!
دعونا نعد إلى الوراء ونستعد حالة الدمار والخراب المخلفة بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945.. حينها نمو مع انكسار شعوب الدول التي دفعت فاتورة الحرب والتطلع إلى السلام والعدالة الاجتماعية وقيم إنسانية عديدة، فاجتمع حينها قادة 51 دولة في سان فرانسيسكو لتوقيع وثيقة بإنشاء منظمة جديدة لحفظ الأمن والسلم الدوليين وتعزيز خطط التنمية وتقديم المساعدات للمحتاجين وإعلاء شأن القانون الدولي، فولدت حينها “الأمم المتحدة”، وهو مصطلح كان الرئيس الأمريكي فرانكلين دي روزفلت أول من استخدمه في عام 1942.. فتكونت لتصبح المظلة الأم للجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية ومحكمة العدل الدولية والأمانة العامة للأمم المتحدة، وبها 193 بلداً عضواً.
دولة الإمارات العربية المتحدة أحد الأعضاء في الأمم المتحدة، وتعتبر واحدة من أكبر المانحين مقارنة بالدخل القومي الإجمالي للبلد، ومع كونها كذلك تلعب دوراً بارزاً داخل هذا الصرح من خلال قضايا المناخ والدفاع عن المساواة بين الجنسين، وتحظى باعتراف الدول الأعضاء وغيرها بوصفها بلداً يتبنَّى قيماً تقدمية، ويبني شراكات عالمية في منطقة مملوءة بالتحديات.
وفي العام المقبل، وتزامناً مع الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة؛ فإن الدولة تسعى إلى الحصول على مقعد غير دائم لمدة سنتين في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وهي فرصة لا تتاح إلا مرةً كل جيل، من أجل الإسهام في تحقيق السلام والأمن الدوليين.
الأمم المتحدة وبكل بساطة تعتبر الناطق عن شواغل الشعوب وتحديداً تلك الفقيرة منها والتي ترزح تحت وطأة المعاناة، لذلك نجدها بين فينة وأخرى تطلق شعارات تحفز الأفراد والحكومات على إحداث تغيير حقيقي في شأن ما.
واليوم ترفع لواء “العالم كما نريده”.. لتفسح المجال أمام كل الأصوات من أجل الوصول بمطالباتهم إلى صناع القرار، فيتم من خلالهم صياغة الخطط وبلورتها لتصبح قابلة للتنفيذ.
ونحن إذ نضع أيدينا على التحديات الراهنة فإننا نعول على الأمم المتحدة لأن تكون أكثر دقة وأكثر فاعلية في حل النزاعات بمنطقة الشرق الأوسط خاصة في اليمن وليبيا وسوريا؛ بأن تأخذ الصوت العقلاني في المنطقة الذي يريد إنماء الشعوب، فلا يمكن أن تتأخر شهوراً على إرسال مبعوث بعد المستقيل أو يحابي مبعوثها جماعة غاصبة لأجل إنهاء القضية في أسرع وقت.