تركيا تفتح قنوات تواصل مع حزب المؤتمر والحراك الجنوبي لتوسيع نفوذها في اليمن “مخاوف مصرية”
ترابط وثيق بين فشل تنفيذ اتفاق الرياض وتزايد النشاط التركي "البحث عن مكان آمن لأنشطة تركيا"
قالت مصادر سياسية مطلعة إن وزارة الخارجية التركية شرعت في فتح قنوات تواصل مع مختلف المكونات السياسية في اليمن، على رأسها حزب المؤتمر الشعبي العام، وتنظيم لقاءات وورش عمل افتراضية عبر الإنترنت، في تأكيد على دخول اهتمام أنقرة بالشأن اليمني طورا جديدا، وإعادة تموضعها بانتظار نضج الظروف المواتية التي تسمح بالتدخل المباشر عبر بوابة الإخوان وتيار قطر في “الشرعية”.
ولفتت مصادر في تصريح لـ”العرب” إلى أن الجديد في النشاط التركي في الأزمة اليمنية هو سعي أنقرة للانفتاح على مختلف القوى والمكونات السياسية، بعد أن كان التواصل مقتصرا على حزب الإصلاح الإخواني، الذي يوجد رئيسه محمد اليدومي في مدينة إسطنبول منذ ما يقارب الشهرين تقريبا، وفقا للمصادر.
وشملت الاتصالات التركية بالقوى اليمنية، قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام والحراك الجنوبي، ومكونات أخرى فاعلة في المشهد تصنف عادة بأنها معادية لجماعة الإخوان المسلمين والمحور القطري التركي.
واعتبرت المصادر أن تزايد النشاط التركي في اليمن بشكل لافت، مؤشر على رغبة أنقرة في لعب دور قادم في الملف اليمني، يتجاوز دورها التقليدي الذي انحصر طوال السنوات الماضية في تقديم الدعم الإعلامي واللوجستي لجماعة الإخوان المسلمين والتحرك الاستخباراتي خلف واجهات العمل الإنساني والإغاثي.
ويتزامن التصاعد في النشاط التركي مع اتساع دائرة المنادين بتدخل أنقرة في اليمن على غرار تدخلها في ليبيا وأذربيجان، بحسب قيادات بارزة في حزب الإصلاح، من بينها رجل الأعمال والقيادي البارز في الحزب حميد الأحمر الذي ألمح ضمنا في منشور على صفحته الرسمية في فيسبوك إلى ضرورة بحث اليمنيين عما أسماه “حليفا صادقا ومقتدرا”.
ويعتبر مراقبون يمنيون أن حجم وثقل القيادات الإخوانية اليمنية، التي باتت تجاهر بعدائها للتحالف العربي وتطالب بتدخل تركي في اليمن، على صلة وثيقة بالتحولات الدولية والإقليمية المرتقبة في الملف اليمني، ونزوح قيادات الصف الأول لإخوان اليمن إلى تركيا، استباقا لتلك التحولات التي قد تنتج واقعا جديدا في المشهد اليمني وتحولا في الاصطفافات الداخلية والإقليمية.
وتترافق التصريحات المعادية للتحالف العربي مع محاولات متزايدة لإفشال اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي وتعثر الإعلان عن الحكومة الجديدة المنبثقة عن الاتفاق برئاسة معين عبدالملك، في ظل أنباء عن تجدد الاشتباكات في مناطق المواجهات في محافظة أبين (شرق عدن) وانهيار جهود التهدئة التي قام بها التحالف بقيادة السعودية.
وتؤكد مصادر يمنية مطلعة أن التأخر في الإعلان عن الحكومة اليمنية الذي كان وشيكا، جاء نتيجة لرفض قوى فاعلة في “الشرعية” تنفيذ الشق السياسي من اتفاق الرياض قبل الشق العسكري، بعد نجاح التحالف في إقناع الطرفين الموقعين على اتفاق الرياض بصيغة توافقية تتضمن الإعلان عن الحكومة وتكليفها بالإشراف على تنفيذ البنود العسكرية والأمنية من الاتفاق، الأمر الذي يرفضه تيار فاعل ومهيمن على قرارات “الشرعية” يقوده نائب الرئيس الجنرال علي محسن الأحمر.
وتشير مصادر “العرب” إلى أن هذا التيار حاول إجهاض مساعي إخراج حكومة معين عبدالملك إلى النور، من خلال الزج بأسماء عدد من أبرز وجوه التأزيم كوزراء في الحقائب السيادية، ومن ثم تسريب أنباء مضللة عن رفض التحالف العربي لهذه القوائم، وتحميله مسؤولية تأخر الإعلان عن الحكومة.
وعقد وزير الخارجية في الحكومة اليمنية محمد الحضرمي اجتماعا، الخميس، مع سفراء الدول دائمة العضوية في الرياض، وقد شدد فيه -بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية- على أهمية “التنفيذ الكامل والمتسلسل لآلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض”، و”التقدم في الخطوات التي أُنجزت من قبل الحكومة في هذا الشأن”.
وذكرت الوكالة أن الوزير الحضرمي اتهم المجلس الانتقالي باستمرار بعض العناصر التابعة له “في التصعيد العسكري والسياسي غير المبرر، لكنه لن يعيق الجهود المخلصة للتنفيذ الكامل لاتفاق الرياض وعودة الدولة إلى العاصمة المؤقتة عدن”.
وشدد “على أهمية تسوية الوضع في سقطرى وإنهاء التمرد المسلح فيها وعودة الأمور إلى طبيعتها وعودة مؤسسات الدولة إلى ممارسة مهامها”.
واعتبرت مصادر سياسية يمنية أن خطاب وزير الخارجية في “الشرعية” أمام سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، فضلا عن طابعه التصعيدي، يحمل مؤشرا على رغبة “الشرعية” اليمنية في إخراج ملف صراعها مع المجلس الانتقالي من دائرة الوساطة التي تقودها السعودية وتدويله، في محاولة للهروب من استحقاقات اتفاق الرياض.
وتؤكد مصادر سياسية مطلعة على وجود ترابط وثيق بين فشل تنفيذ اتفاق الرياض بعد أكثر من عام على توقيعه، والتزايد المطّرد في هجوم بعض المسؤولين في “الشرعية” على التحالف العربي ودوره في اليمن، والنشاط التركي الذي بات يتجاوز شكله الاستخباراتي والإعلامي.
وحذرت المصادر من اعتزام تيار قطر في الحكومة اليمنية على توفير الأسباب الكافية لجر تركيا إلى الملف اليمني، من خلال اتباع سياسة أكثر عداء للتحالف العربي ودوره في اليمن، بالتوازي مع تهيئة بعض المناطق الخاضعة لسلطة هذا التيار للتدخل التركي.
وهذا ما هو واضح في محافظة شبوة التي تتعرض فيها معسكرات التحالف للحصار والاعتداء، في الوقت الذي ينشط فيه ضباط الاستخبارات الأتراك تحت غطاء المنظمات الإنسانية وتسير السلطة المحلية المسيطرة على المحافظة باتجاه الاستحواذ على ملفات سيادية من اختصاص الدولة المركزية والحكومة مثل إنشاء الموانئ التي تعزز بعض الفرضيات من تحضيرها كمنصات للتدخل العسكري التركي في اليمن وإيصال الأسلحة إلى الميليشيات المدعومة من قطر.
وفي هذا السياق علق الصحافي اليمني خالد سلمان على لقاء جمع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي بالسفير أحمد فاروق في القاهرة، قائلا إنه تعبير عن المخاوف المصرية من تزايد النشاط التركي في جنوب اليمن، في ظل شعور القاهرة بأن “عدن مجال نفوذها القادم، وقضية أمن قومي، فيما ترى أنقرة أن الجنوب خط أحمر أمام التوسع المصري، صوب تأمين باب المندب”.
وأضاف سلمان “الصراع القادم يتلخص في محاولات إحكام الحصار على مصر ابتداء من ليبيا، مرورا بإثيوبيا وانتهاء بعدن، والعمل المضاد لتكسير مخطط الحصار التركي والإفلات من مخاطره المدمرة”.