اطفال اليمن الحلقة الأضعف في الصراع “ضحايا بلا ثمن”
استغلال البراءة في الذود عن العنصرية ومنظمات في مهمة حماية الجناة.. حين تتعرض الطفولة لتجريف مستمر
يمن الغد/ عبد الرب الفتاحي
أفرزت الحرب في اليمن واقعا معقدا على حياة ملايين الاطفال الذين مازالوا يرزحون مع أسرهم في حالة من القلق والخوف والجوع والمرض.
الحرب القائمة إنعكست على الطفولة سلبا وأدت لإنقطاع الأطفال عن المدرس وتشرد الكثير منهم.
* كوارث قائمة..
الحرب في اليمن دفع ثمنها الأطفال أكثر من غيرهم وشكلت الحرب منذ أن بدأت قبل ست سنوات على أنها احدى الكوارث الإنسانية التي مازالت أثارها مستمرة على واقع الطفولة باليمن.
في هذا البلد المنهار تحت الحرب والازمات يعيش الأطفال واقعا صعبا سيما في ظل الظروف الإقتصادية والسياسية فالتأثير الذي وضعته الحرب على مختلف الفئات مازال يخنق حياتهم بالمزيد من الضغوطات.
لقد خلقت الحرب فضاء واسعا من الانهاك للأطفال الذين صاروا مع أسرهم بعيدين عن مدنهم ومدارسهم كما أن ما تشهده اليمن أدى لخلخلة الواقع الذي كان يستمد منه الأطفال استقرارهم فمع الحرب ترك الأطفال المدارس والتحقوا بسوق العمل والكثير منهم تم تجنيدهم الى جبهات القتال.
يرى الاستاذ صالح عبد الله أحمد وهو يتحدث لـ”يمن الغد” بأن الأطفال وجدوا أنفسهم في واقع حرب استهدفهم وقمع رغباتهم في أن يكملوا حياتهم بشكل أكثر هدوا.
وعزى الاستاذ صالح ضرر الحرب على الاطفال كونها تركت أثار نفسية عميقة على واقعهم ودفعتهم للتشرد العمل وحملتهم فوق طاقتهم.
وأعتبر صالح الحرب في اليمن بأنها ستظل تنتج سلوكيات مستدامة من خلال ظروفها وتعقيداتها وذلك من خلال ما عاشه الأطفال من ظروف وصعوبات.
* اطفال بلا تعليم..
يفترض الدكتور عقبة جميل عبد الله العديد من الظروف التي ستضم ماضي قاسي سيحتفظ به الأطفال عندما يكبرون.
وخلال حديثه لـ”يمن الغد” يكاد يرى الدكتور مستقبل الأطفال على أنه سيكون مربكا لهم وسيجعلهم أكثر عزلة وبعدا عن الانسجام كما أن هذه الحرب ستنتج اطفالا من دون تعليم وليس لديهم شعور بالأمن.
يقول الدكتور عقبة “كل الأطراف والأحزاب والكيانات في اليمن برهنت على أنها تملك حالة استغلالية في التعامل مع واقع الأطفال ولذلك فهي جزء من استدامة الحرب وفق مصالحها وهي من تضع العقبات التي تزيد من استمرار الأعباء عليهم .
وحول قدرة الأطفال في تحمل ثمن الحرب أجاب الدكتور عقبة على سؤال “يمن الغد” قائلا :الأطفال هو الحلقة الأضعف وهم الخاسر الأكبر من هذه الحرب وهم من سيدفعون ثمن كبير في طفولتهم وفي حياتهم .
وأكد الدكتور أن الحوثيين والشرعية يتحملون قدرا كبير من المسؤولية للواقع الذي وصل أليه الأطفال من حالات تهدد مستقبلهم وأعتبر أن الحوثي أستفاد من الحرب لفرضها على الجميع ليجعل ثمنها عاما وبذلك جند الأطفال ونشر صورهم بعد مقتلهم ووضع القبور لهم وهو سيستمر بذلك بينما أطفال القيادات الحوثية ينعمون بالهدوء والأمن والحياة الرغيدة .
* طفولة مدمرة..
من ناحيتها ترى مريم مصطفى النعيمي وهي معلمة تربوية أن الحرب لها أثار على الأطفال في اليمن وأن أكثر ماحملته هذه الحرب هي في تشكل حالة من العزلة على الأطفال وبروز ثقافة العنف.
وقالت النعيمي لـ”يمن الغد” أن لكل حرب ثمن تدفعه الشعوب ولذلك تظل ذكرى الحرب في ذهنية الطفل اليمني هي أنه هاجر وفقد مدينته وأصدقائه ومدرسته.
وأضافت الاستاذة مريم “كل الأطراف في اليمن مشاركة في اضطهاد وقتل الأطفال فالحوثيين يقومون بوضع الأطفال كجنود ويستغلون ضعفهم لتحقيق غاياتهم السياسية والعسكرية أما هادي وشرعيته فهم يمارسون التجويع وقطع الرواتب ولذا فالطرفان لا يختلفان عن بعض “
خلال فترة الحرب حاولت الأمم المتحدة انتقاد الأطراف المتصارعة حول استغلالها للأطفال وصدرت الكثير من التقارير من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية حول طبيعة ما يتعرض له الأطفال في اليمن من انتهاكات تستهدفهم وتهدد حياتهم.
* للمجرمين حماة..
تختلف طرق الانتهاك في اليمن والتي تستهدف الأطفال والتي تعددت مع فترة الحرب ففي مناطق سيطرة الحوثيين يواجه الاطفال حالة اغراء للتنجيد في حرب الجماعة مع خصومها بينما يفتقد الأطفال لاي إهتمام من جماعة عمقت كل الاختلافات وزجت باليمنيين في حرب وضعتها لتنفيذ اجندتها السياسية والمذهبية وفرضت الحرب كهدف اساسي في مشروعها الطويل والذي لم تعرف فيه الجماعة أي نشاط سياسي غير إدارة الصراعات والإغتيالات .
أما في محافظة تعز والتي تخضع لسيطرة حزب الإصلاح فإن العديد من الأطفال قتلوا في الإشتباكات التي تدور بين عصابات ومليشيات تنتمي للجيش الذي شكله الحزب في هذه المحافظة.
وطالما حاول القيادات الأمنية والعسكرية في هذه المحافظة التقليل من تلك الجرائم والانتهاكات إلا أنها تظل دليلا على مدى التعامل الغير الإنساني في اطار تشكل المليشيات في فترة الحرب ومحاولاتها الاستمرار في ممارسة الانتهاك في ظل تحول المنظمات المدنية للقيام بدور غير حقوقي ولخلاقي وتأدية وظيفتها وفق هدف مذهبي قمعي وهذا مايحدث في مناطق سيطرة الحوثيين.
بينما يقوم عمل المنظمات المدنية في تعز وفقا لمساعي سياسية؛ حيث حاولت طمس الكثير من التجاوزات وعدم توثيقها أو تعميمها وعدم ذكر المجرمين في رصدها مما يعني أن الانتهاك له من يحميه ويدافع عنها في ظل واقع الحرب حتى وإن كان الأطفال هم الضحية.
* تدمير نفسية الطفل..
وليد فضل المحمدي أحد الحقوقيين رأى أن الإشكالية القمعية التي يتعرض لها الطفل في اليمن هي في استغلاله ووضعه كما لو كان مذنب خاصة في ظل واقع الحرب الحالية.
وأشار وليد الى أن كل الأطراف في اليمن صارت تمارس التجاوز على الاطفال واستغلال وجودهم لتحقيق منافع تخص كل طرف على حدة .
وأضاف المحمدي لـ”يمن الغد” أن مايجري للطفل في اليمن هو دليل على غياب البعد الأخلاقي والانساني في ثقافة المجتمع والساسة والنخبة وهذا خلق واقع فرض على الطفل اليمني مواجهة اساليب معقدة وكبيرة وفق وجه نظر وليد.
* الطفولة والذود عن العنصرية..
وأتهم الحقوقي وليد أطراف الصراع في اليمن على أنها تعمل على تدمير كيان الطفل الضعيف وتجويعه ووضعه كمحارب للدفاع عن عنصرية جماعة الحوثي مثلا وكذلك الدور الذي تمارسه شرعية هادي في تجويع الأباء والأبناء.
ووضع وليد كل الأطراف المتصارعة على أنها لا تختلف عن بعضها من حيث ممارساتها لجرائم الحرب التي تقوم بها وتعتمدها في أهدافها.
وقال وليد “لابد أن يدرك العالم كل هذه السياسات والجرائم ولابد من محاكمة كل الأطراف فالطفولة في اليمن تتعرض لعملية تجريف مستمر.