قيادات منشقة: مليشيات الحوثي تستخدم جواسيس بينهم فتيات تم تجنيدهن عبر الابتزاز ومهندسي ومحلات الهواتف الجوالة
لدى المليشيا أساليب متعددة للتجسس منها تجنيد النساء، وتكليف عُقَّال الحارات بمهام الرقابة والتجسس
اتهم ناشطون حقوقيون جماعة الحوثي الانقلابية بالتجسس على المواطنين والشخصيات والهيئات، في مناطق سيطرتها، بأساليب مختلفة، منها تجنيد النساء، والتجسس الإلكتروني، ونشر الجواسيس في الشوارع والأحياء السكنية، بمن فيهم عقّال الحارات (أعيان الأحياء)، الذين أصبح معظمهم أدوات تنكيل وعقاب للمواطنين المناوئين للجماعة، ما يجعل السكان يعيشون تحت رحمة الجواسيس.
وأكدت مصادر منشقة عن الجماعة المدعومة من إيران، استمرار الجماعة في الحكم “بالحديد والنار” لقمع المناوئين لها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، من خلال إحكام القبضة الأمنية، وكتم أفواه رافضيها.
وقال منشق عن الجماعة لـ “الشرق الأوسط”، إن “جواسيس الحوثي تسببوا باعتقال الآلاف من الأبرياء بسبب الوشاية بهم، إضافة إلى ملاحقة الآلاف، وقرارات الفصل التعسفية وغيرها من الانتهاكات بحق المواطنين”.
وأشار إلى أن الانقلابيين يستخدمون جواسيسهم من الشباب العاطلين عن العمل، أو سائقي الدراجات وباصات النقل والتاكسي، وعقّال الأحياء السكنية في المؤسسات الحكومية.
وتحدثت المصادر عن وجود الكثير من السجون التي تديرها جماعة الحوثي الانقلابية، في مختلف المحافظات اليمنية، ويقبع فيها الآلاف من المدنيين، من الرجال والنساء، ويتعرضون إلى شتى أنواع التعذيب، غير أنه في العاصمة صنعاء توجد أكثر السجون التي يكتظ فيها أبرياء من أكاديميين وسياسيين وإعلاميين وناشطين وطلاب وعمال، تمت الوشاية بهم من قبل جواسيس الحوثي.
ووفق رواية مواطن من أبناء مدينة الحديدة (غرب اليمن) اعتُقل بسبب الوشاية به، فإن “أحد جواسيس الحوثي، وهو سائق دراجة نارية، تسبب في دخولي السجن بسبب تهمة كيدية بأني شتمت (السيد) الذي يقصد به عبدالملك الحوثي زعيم الميليشيات”.
وقال لـ “الشرق الأوسط”، إن “التهمة التي وجهت إلي كانت كيدية، وسببها أحد جواسيس الحوثي، الذي كان يقف على متن دراجة نارية أمام محل تجاري أعمل به، وكان يستمع وبصوت عالٍ عبر مسجلة الدراجة إلى أغنية فيها تمجيد لزعيم الانقلابيين، وقلت له: لو تسمح وطي صوت المسجلة، فقال لي: يعني أنك تسب السيد، فقلت له: ما الذي تريده؟ وذهب ولم يعد إلا بعد ساعة ومعه مشرف الحوثي ليجرني خلفه من مكان عملي إلى السجن بتهمة شتم سيدهم”.
وأضاف: “بعد 48 ساعة تم إطلاق سراحي، بعد تدخل شخص منهم تربطنا به علاقة، ليقنع المشرف الحوثي الذي أودعني السجن بأن ذلك الأمر لا يتكرر. ولولا معرفتي بهذا الشخص، لكنت الآن في سجون الحوثي بتهمة شتم سيدهم، وبعدها سيتم تلفيق تهم كيدية كبيرة” .
وأوكلت الجماعة، بحسب المصادر، لعقّال الحارات، مهام الرقابة والتجسس، وربط خدماتهم، خصوصاً مادة الغاز المنزلي، عن طريقهم عبر كشوفات وبيانات مجتمعية كبيرة من خلال حصر أسماء كل المربعات السكنية، واستغلالها للتضييق على المناوئين.
ويقول الباحث توفيق السامعي، إن الميليشيات الحوثية تعمل للتجسس على المواطنين أو الشخصيات والهيئات بأساليب متعددة، منها ما ظهر إعلامياً كتجنيد النساء وابتزازهن، أو الاختطاف للأشخاص وتغييبهم ثم تجنيدهم في المعتقلات، ومنها عن طريق التجسس الإلكتروني واختراق الحسابات وكذلك الاتصالات والتجسس على المكالمات، وللميليشيات خبرات طويلة كونها منظمة ايديولوجية عملت بذلك من فترات مبكرة عبر التجنيد الطائفي والسلالي في نسب عائلات هاشمية، وصولاً إلى التحكم بمصالح الأفراد في استخدام الوظيفة العامة، واستغلال حاجات الناس للتجسس على بعضهم البعض.
وأشار السامعي، إلى حالة الصحافي صلاح القاعدي “الذي تم الإيقاع به والتجسس عليه من بعض أقاربه ومكث في زنازين الحوثي خمس سنوات تحت التعذيب”.
وأكد لـ “الشرق الأوسط” أن “الميليشيا الحوثية لم تكتف بهذه الأساليب، فجندت الزينبيات اللاتي يدخلن للبيوت كزيارات صداقة ويتحسسن حتى على مستوى متابعة القنوات التلفزيونية.
واستخدمت حتى مهندسي الهواتف الجوالة في أخذ بيانات المواطنين والنساء وابتزازهم وتجنيدهم كشبكات، كما هو واضح في قضية الشهيد عبد الله الأغبري، التي اتضح من خلالها أن من يقف وراءها شبكة حوثية كبيرة، ومنهم مشرفون مع الميليشيات، كما أظهرت المقاطع والصور.
كما تستخدم للدفع بمن يتم الإيقاع بهم إلى الجبهات وتعزيز صفوفها، لذلك كثير ممن وقعوا أسرى يعترفون بأنه تم التغرير بهم والإيقاع بهم بطرق مختلفة”.
ونوّه إلى خطورة الأساليب الحوثية، قائلاً، إن “لهذه الأساليب مخاطر مجتمعية جمة تزيد في تعميق الشرخ الاجتماعي ومواجهة المواطنين بعضهم بعضاً، وتخلق مزيداً من عدم الاستقرار وتشجع الجريمة وتغذيها، وتزيد من نسبتها”.
من جانبه، يقول رئيس “مركز حقي لدعم الحقوق والحريات” في جنيف- رئيس “الرابطة اليمنية في سويسرا” هاني الأسودي، إن الحوثيين يعتبرون أسوأ مثال على الدولة البوليسية، مع فارق كونهم ميليشيات، إذ يستغل الحوثيون العاطلين عن العمل والمجرمين والبلطجية في التجسس على المواطنين ومعرفة توجهاتهم وآرائهم، ليتم بعد ذلك خطفهم واعتقالهم وتوجيه تهم ملفقة لهم.
وأضاف لـ “الشرق الأوسط”: “يتواجد المشرفون الحوثيون في كل الأحياء في المحافظات والمناطق كافة التي يسيطرون عليها، وهم ينشرون الكثير من أتباعهم في مهن كثيرة، في محاولة لإرهاب المواطنين. كما قاموا بتغيير الكثير من عقّال الأحياء السكنية ببلاطجة كوسيلة تجسس ناجعة لمعرفة اتجاهات الآراء وكبت أي مؤشرات لأي تحركات اعتراضية”.