مقالات

عندما تتحول العنصرية ضد المرأة والثقافة الذكورية الى دين

 


يزعمون أنهم مع المرأة؛ ويجادل بعضهم بالقول أن موروثنا الديني وأعرافنا وتقاليدنا كرمتها أكثر من الرجل وأكثر من مواثيق حقوق الانسان وقوانين المساواة والمواطنة؛ لكن عندما يتحدث عن أمه أو أخته أو زوجته يخجل حتى من ذكر إسمها او صفتها كأم أو زوجة؛ ويقول بدلاً عن ذلك: “قالوا البيت”؛ “البيت يشتوا اسير اشتري كذا”؛ يتحدث عنهن باعتبارهن جمادات نكرة؛ ويعلمون أطفالهم الذكور تلك الثقافة الذكورية المتخلفة والمتنمرة على المرأة؛ ويغرسون في وعيه أن اخته ما هي الا عورة وعار عليه ان يداريه وأن لا يذكره وان اضطر لذلك فليكون بصيغة نكرة.


تكبر البنت مع الولد وبمجرد دخولها في عامها الخامس أو السادس يبدأ التمييز؛ تجبر البنات في بعض الأسر على لبس الحجاب ثم النقاب؛ ويغرس في وعيها انها ليست كالولد؛ وتحرم من كثير من الأشياء؛ فيخرج أبوها مع إخوانها الذكور في رحلات ولا يأخذها معه؛ يقولون لها أنت “مكلف” ومكانك البيت؛ انت امرأة يجب ان تحتجبي عن الناس والشارع وووو الخ من الإرشادات العنصرية.


يمنعونها من الرد على الباب او التلفون وان ردت على الباب فبالتصفيق في بعض الأسر المتشددة؛ ويجعلون أخوها الأصغر منها يتنمر عليها ويكون مراقب على أخلاقها وحركتها اذا خرجت للشارع.


يتم سحق شخصية البنت وإفهامها أنها ما خلقت الا لإرضاء زوجها وطاعته؛ ويستدلون على ذلك بسيل من الروايات والأحاديث من الموروث الديني التي تجعل من المرأة خادمة للرجل فقط؛ ويغضب الله عليها اذا أغضبت زوجها وينزل عليها أشد العقاب ويدخلها في النار بسبب ذلك.


حتى وهي في منزل والدها تتحول الى شغالة عند إخوتها الذكور الأكبر والأصغر منها سناً؛ تطبخ وتكنس وتغسل وتكوي الملابس وهم يشاهدون التلفاز ويخرجون ليلعبوا ويمرحوا مع أصدقائهم؛ وحتى اذا درست وتوظفت؛ لا تتخلص من دور خادمة المنزل؛ بل ان راتبها أيضاً يؤخذ عليها.


وان أخطأت البنت قتلوها وبالحد الأدنى عنفوها واحتقروها ورموها بكل الرذائل؛ وان أخطأ الذكر تغاضوا عنه بل وامتدحوه في سرهم؛ ويشعر والده بالإطراء عندما يقال له أن ولده زير نساء في الجامعة مثلاً؛ وينتشي لذلك باعتبار  ولده يمثله ويمثل عقليته الذكورية العفنة؛ التي تُبيح للرجل كل شيء وتَمنع المرأة من كل شي تحت مصوغ عرفي متخلف يقول أن “الرجل حامل عيبه”.


لا يتركون للبنت خيار الا ان تكون ضعيفة وعاجزة ومحتاجة للرجل في أبسط تفاصيل حياتها؛ وعندما تفشل في اي موقف يقولون هي مرأة ضعيفة بطبعها؛ وينسون أنهم سحقوا شخصيتها منذ نعومة أظافرها؛ وحولها الى دجاجة ضعيفة وعاجزة تنقاد للأصغر منها سناً من الذكور؛ للدرجة التي تتمنى كثير من البنات أنهن ولدن ذكوراً؛ ويشعرن أن حظهن عاثر؛ وبظلم وقسوة وتسلط من الذكور بشكل لا يحتمل؛ ولا تنجوا من هذا الوضع الا القليلات.


المواطنة المتساوية بين الجميع بغض النظر عن الاختلاف في الجنس “ذكور وإناث” أو العرق أو اللون أو المنطقة حق مقدس يولد مع الإنسان؛ ولا أؤمن ولا أعترف بأي شي (سواء كان موروث ديني أو عادات أو تقاليد أو أعراف أجتماعية) ينتقص من ذلك الحق أو يشرعن لأي عنصرية ضد المرأة أو ضد من يختلف عنا في الدين أو اللون؛ واعتبر العنصرية جريمة مرفوضة يجب أن نحاربها جميعاً؛ ومن هذا المنطلق لا أفرق على المستوى الشخصي في تعاملي مع أولادي مطلقاً بين البنات والأولاد؛ ولا أُشعر بناتي أن حظهن عاثر وأن الله ظلمهن بخلقهن إناث؛ أزرع في وعي الجميع في المنزل ان الله عادل؛ ولا يميز بين عباده على أي أساس عنصري مطلقاً؛ وان الخطأ خطأ سواء ارتكبته البنت او الولد؛ وان العقوبة متساوية؛ وأن الحقوق والوجبات متساوية كذلك؛ ولا فرق مطلقاً بين البنات والأولاد؛ وأن أي شيء يخالف ذلك ما هو الا نوع من التخلف والرجعية والثقافة الذكورية الظالمة والمتسلطة التي تخلصت المجتمعات والأمم المتحضرة منها منذ قرون؛ وهذا التخلف والتمييز العنصري هو ما يبقينا في ذيل كل القوائم على مستوى العالم وفي مختلف المجالات.


 


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى